وذهب طوائف إلى أنه صائمٌ من أول النهار؛ فإن الصوم لا يتبعض في اليوم، وهو في حكم الخصلة الواحدة.

فإن قلنا: إنه صائم من وقت النية، فلو أكل في أول النهار، ثم رام أن ينوي الصومَ بعده، فالذي ذهب إليه الأكثرون أن ذلك غير سائغ، ومن اعتقد أن من أكل غداءه يومَه صائمٌ بعد فراغه عن الأكل، فهو مقتحم على الإجماع.

وفي المسألة وجهٌ بعيد، أن ذلك غير ممتنع، وقد عزاه بعضُ المصنفين إلى ابن سريج وأبي زيد المروزي. والله أعلم.

وكان شيخي يقول: الأكل في أول النهار يمنع إمكان الصوم بعده.

وإن قلنا: الناوي نهاراً صائم من وقت نيته، لأن معنى الصوم الخَوَى والطَّوَى (?)، وإن أكل المرء في نهاره، لم يكن للصوم بعده معنى، فالخوى في أول النهار شرط (?) وقوع الصوم الشرعي بعده.

وكان يذكر وجهين في أن الحيض والكفر في أول النهار إذا زالا، ووقعت النية ضحوة بعدهما، فالصوم هل يصح؛ تفريعاً على أنه صائم من وقت النية؟ وهو لعمري يقرب بعضَ القرب. فأما تصوير الصوم بعد الأكل في النهار، فهو في حكم الهزء عندنا.

فرع:

2272 - إذا انعقد الصوم، ثم نوى الشارع في الصوم الخروج منه، ففي بطلان الصوم وجهان، ذكرناهما في كتاب الصلاة، وفرقنا بين الصوم والصلاة؛ فإن المصلي لو نوى الخروج على (?) جزم، بطلت صلاته، وجهاً واحداً. ثم إن قلنا: لا يفسد الصوم، فلو نوى الشارع في صوم القضاء مثلاً، قلبَ الصوم إلى النذر، فلا ينقلب إلى النذر، لا شك فيه.

ولكن إن حكمنا بأن نية الخروج لا تُبطل الصومَ، فهو في الصوم الذي شرع فيه، وقَصْدُ النفل لا أثر له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015