البلدة، حتى لو كان غالب غنم البلدة الضأن، فضحى بثنيةٍ من المعز، أجزأت.
والذي ذكره العراقيون توجيهه -على البعد- تنزيلُ المطلق على العُرف في كل زمان. وسيأتي تفصيل المذهب في زكاة الفطر وأنَّ المعتبر فيها القوتُ الغالبُ في ظاهر المذهب، فقد يتمسك بهذا العراقيون.
وعلى الجملة ليست زكاة الفطر ممَّا نحن فيه؛ فإن الشارع ذكر فيها أجناساً مختلفة، ثم لم يحمل الأمر فيها على التخيير في ظاهر المذهب؛ فانبنى الأمر فيها على الالتفات إلى الأقوات، والتقديرُ: صاعاً من بُر إن كان قوتاً غالباً، أو صاعاً من شعير إن كان غالباً، وذِكْرُ الشاةِ مفردٌ فيما نحن فيه، واردٌ على الذمة؛ فكان إطلاقها كإطلاق الرقبة في الكفارة، أو كإطلاق الشاة في الضحية، وفي هَدْي المناسك، والتفصيل العويص في الإبل المذكور (?) في الدِّية، وذلك يأتي إن شاء الله تعالى في الديات.
وبالجملة تشبيه الشاة فيما نحن فيه بشاة الضحية قريب جداً.
فإن قيل: فلتجزىء على طريقة صاحب التقريب شاة معيبة، قلنا: ما وجب لغرض المالية، فهو مقيّدٌ بالسلامة، ولذلك يقيّد إيجاب الغرّة بالسلامة، والضحية تقيّدت بالسلامة عما يقدح في مقصودها، والرقبة في الكفارة متقيدة بما يليق بالمقصود من الإعتاق.
فإن قيل: فهلاّ خرج فيما نحن فيه وجهٌ أنه يُخرج الشاة من نوع غنمه إذا كان يملك غنماً؟ قلنا: لا نرى له خروجاً، وإن ذكره بعضُ الضعفة اعتباراً بإبل العاقلة؛ فإنا في طريقةٍ لنا نقول: يُخرج كلُّ غارمٍ من العاقلة من إبله إذا كان يملك إبلاً، والسبب فيه أنه لو كلف تحصيلَ ما ليس له، كان ذلك تكليفَ مشقة مضمومة إلى ما طوقناه من الغُرم من غير جناية، ولا يتبين ذلك إلا في كتاب الديات، والقدر المقنع هاهنا أن اعتبارَ مالِه -وليست الشاة واجبة فيه- بعيدٌ عن قياس الزكاة، فالوجه اعتبارُ مطلق الاسم، مع غرض المالية.