فإن قيل: فإذا سقط الفرضُ بصلاة طائفة، فصلاة الطائفة [الثانية] (?) مستغنى عَنها، فتقع تطوعاً، قلنا: نحن نقدّر كأن الآخرين صلوا مع الأولين، ولو صلى جمع على ميت، صحت صلاة جميعهم، وإن كان يقع الاكتفاء ببعضهم.
ثم الذي يظهر من كلام الأئمة أن من صلى مرَّةً منفرداً، ثم أدرك جماعةً يصلون، فلا يؤثر له أن يصلي لإدراك الجماعة، بخلاف ما قدمناه في الصلوات المفروضة.
ثم ظاهر كلام الأئمة أن من صلى مرة، ثم صلى ثانية، فلا نقضي ببطلان صلاته، ولفظ الصيدلاني: "إنا لا نحب أن يصلي مرة أخرى".
والحكم ببطلان صلاة من صلى مرة فيه احتمال عندي.
1734 - ثم إذا دُفن الميت، فالصلاة على القبر جائزة عندنا، والشاهد فيه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبر المسكينة.
ثم اختلف أئمتنا في أنا إلى متى نجوّز الصلاة على القبر؟ فقال قائلون: نجوّزها إلى أن ينمحق في الأرض، ويبلَى، ولا يبقى له أثر.
وقال صاحب التلخيص: "تجوز إلى شهر، ولا تجوز بعده". ولا ندري لما ذكره ثَبَت توقيفي. وتكلّف بعضُ الناس لها وجهاً، فقال: لعله أخذه من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على النجاشي؛ فإنه قد قيل: بين الحبشة والمدينة مسيرة شهر.
وهذا ليس بشيء؛ فإنه صلى الله عليه وسلم علم موته يوم مات، وصلى عليه يوم موته.
وذكر الشيخُ أبو علي في الشرح وجهاً آخر، وهو أن الصلاة على القبر تجوز إلى ثلاثة أعوام، ولا تجوز بعدها. وهذا غريب غيرُ معتدٍّ به.
وفي بعض التصانيف وجه رابع: إنها تصحّ أبداً من غير اختصاص بأمد، وهذا في نهاية البعد، وهو خارج عن الضبط بالكلية.
والذي عليه التعويل من هذه الوجوه تجْوِيز الصلاة إلى البلى والامِّحاق.