وأما الصلاة عليه، فقد حكى (?) في عدد المصلين أوجهاً: قال: من أصحابنا من قال: لا بد من أربعة يصلّون، ومنهم من قال: يكفي واحد يصلي عليه، ثم قال: ومن شرط جمعاً، لم يشترط أن يصلوا جماعةً بل قال: لو صلوا أفراداً، جاز.
ثم قال: لا بد أن يتولى دفنَ الميت ثلاثة، ولا يجوز النقصان مع الإمكان.
هذا مساق كلامه.
1729 - ونحن نقول: أما كل ما يؤدي إلى إزراءٍ بالميت واستهانةٍ، فلا شك في تحريمه، ولكن فيما ذكره نظر.
فأما الغسل، فليس يظهر في إفراد رجل واحد بغسله إزراء، مع ما نقول: إن أقل الغُسل جريان الماء على جميع البدن، وأما قوله: لا يجوز نقصان الحمَلَة عن أربعة، فهذا هفوة؛ فإن الحمل بين العمودين قد يحصل بثلاثة، كما سبق تصويره، وميلُ نص الشافعي إلى أن الأوْلى الحمل بين العمودين، ولا شك أن الطفل الصغير لو احتمله رجل واحد، فلا إزراء فيه، والمرعي في إثبات التحريم ظهور الإزراء، وفي حمل رجلين أيّدين للجنازة احتمال ظاهر.
ومما يجب رعايته أن الحَمَلَة ينبغي أن يكونوا بحيث لا يُخاف على الميت الميل والسقوط، وينبغي ألا يحملوه على هيئة قبيحة مزرية.
وأما ما ذكره من عدد المصلين، فقد ذكر غيرُه على الوجه الذي ذكره. ولم أر للاقتصار على اثنين ذكراً، وهو محتمل جداً؛ فإنا ذكرنا في مسألة الانفضاض في الجمعة أن من أئمتنا في تفريع الانفضاض من يكتفي بواحدٍ يبقى مع الإمام، فيكون الإمام معه اثنين، وهذا منقدح هاهنا، ملتفت على أن الاجتماعَ يحصل بهذا.
وما ذكره من الدفن فيه نظر؛ فإن الطفل الصغير يكفيه واحد، يضعه في قبره، وقد وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم عليه السلام بنفسه في قبره. ولو استقلّ رجلان بوضع الميت في قبره من غير أن يُزرُوا به في هيئة الوضع، فلست أرى بذلك بأساً، والمعتمد في ذلك ترك الاستهانة، واجتناب تعريض الميت للسقوط.