الحالة الفقهية المعاصرة

صرفتُ النظر عمداً عن لفظ (النهضة) الذي يستخدمه الباحثون المعاصرون كافة في هذا المقام، حيث يقولون: (النهضة الفقهية المعاصرة)؛ وذلك أن هذا الوصف بـ (النهضة) يأتي معبراً عن ثقافة فاسدة، ومفاهيم مغلوطة، تقوم على أن عالمنا العربي والإسلامي كان في تخلف وانحطاط (كذا، بهذا اللفظ يصفون عالمنا منذ القرن السابع الهجري)، ولم نستيقظ، ولم ننهض إلا بعد أن أخذ بيدنا الغرب.

فقد كانت كتب التعليم -وأظنها ما زالت- تضع عنواناً رئيساً يقول: (عصر الضعف والانحطاط) (?) ويدرّسون تحت هذا العنوان الفترة التي تبدأ من سقوط بغداد سنة 656 هـ إلى غزو نابليون للشرق.

ثم تطالعنا هذه المناهج بعنوان آخر يقول: (عصر النهضة) (?) وتبدأ هذه النهضة بغزو نابليون للشرق (?)، فقد صوروا لنا هذا الغازي المبير الذي سفك دماء العباد، وخرب البلاد، واتخذ من الأزهر اصطبلاً لخيوله، صوروا لنا هذا الغازي، الصليبي الحاقد بأنه جاءنا بالحضارة والتنوير، وأخذ بيدنا نحو الرقي.

ليس هذا استطراداً، ولا بعيداً عن الفقه -الذي هو موضوعنا- ذلك أن هذه الثقافة قادتنا في طريق التبعية للغرب، فأصبحت حياتنا كلها صورة مشوهة منقولة عن حياة الغربيين: في طراز المسكن، والأثاث، والزي، وألوان الطعام، إلى نظم التعليم ومؤسسات الاقتصاد، ومؤسسة القضاء والقوانين ... إلخ فجدت حياةٌ جديدة، في كل مظاهرها، قُنِّن فيها تعاطي الربا، وصناعة الخمور، وصالات القمار، واللهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015