المال إلاّ في ثوبٍ واحد، فلا كلام. وإن قلنا: إنه يكفن في ثلاثة أثوابٍ من بيت المال، فلو خلّف ثوباً واحداً سابغاً، فهل يُكتفى به على هذا الوجه، أم يستكمل الثلاث من بيت المال؟ فعلى وجهين ذكرهما. أحدهما - وهو الة جاس على ذلك أنا نكمل؛ فإنا نرى الثلاث حتماً على هذا الوجه الذي عليه التفريع، فتكميلها من بيت المال كابتدائها.

والثاني - لا يُكمل؛ فإن المتوفَّى إذا خلف ثوباً، فليس هو من أصحاب الضرورات في ذلك، ولا يُتعدّى ما خلفه إلى جهة بيت المال.

1660 - ثم استكمل صاحب التقريب بيانَ هذا الفصل على أحسن سياقَة.

فقال: أطلق الأئمة في الطرق أن أقل الكفن ثوبٌ واحد سابغ، ثم رددوا أجوبتهم في الثلاثة كما ذكرناه، وتحصيل القول في ذلك: أن الثوب الواحد السابغ تظهر فيه رعايةُ حق الله تعالى، ولا يجوز الاقتصار على ما يستر العورة، وإن كان يبدو من الميت شيء، لم يجز إلا إذا لم نجد سابغاً، فنضطر إلى الاكتفاء، وعليه يحمل ما روي "أن مصعب بنَ عمير، لما استشهد بأحد وكانت عليه نمرة (?) إذا ستر بها رأسه، بدت قدماه، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُدرج فيها ويوضع على قدميه شيء من الإذخر" (?). وهذا محمول على أنه لم يوجد ما يستره ستراً سابغاً في ذلك الوقت، فأما تكفين الميت في ثلاثة أثواب في حق الغرماء، والورثة، وفي حق بيت المال، فهو مما يتعلق برعاية حق المتوفى في نفسه، كما ذكرناه في ثيابه التي تُبَقَّى عليه، إذا أفلس، وأحاطت به الديون.

ثم حقق هذا بأن قال: لو أوصى الميت بألا يكفن إلا في ثوب واحد، كَفَى الثوبُ الواحد السابغ؛ فإنه بوصيته رضي بإسقاط حقه.

ولو قال: رضيت بأن تقتصروا على ما يستر عورتي، فلا أثر لوصيته في ذلك، ويجب تكفينه في ثوب سابغ ساترٍ لجميع بدنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015