1593 - وإن قلنا التكبيرات تتقيد بأدبار الصلوات، فلو صلى الرجل، ونسي التكبير، فإن تذكر على قرب من الزمان، كبر. وإن طال الزمان -وقد تمهد في باب السهو الضبطُ في طول الزمان وقصره- فهل يكبر بعد طول الزمان؛ مستدركاً لما تركه من التكبير؟ فعلى وجهين: وهما قريبان من الوجهين، في أن من تلا آية فيها سجود، فلم يسجد حتى تخلل زمانٌ طويل، فهل يسجد بعد طول الزمان؟ فيه خلاف تقدم ذكره في موضعه.
1594 - فأما ما يتعلق من التكبير بالمقتدي والإمام، فقد قال الأئمة: إن سلم الإمام، أو كبر في وقت، كان المقتدي يرى أنه لا يكبر فيه، فهل نُؤثر له التكبيرَ استحباباً اقتداءً بالإمام؟ فعلى وجهين: أصحهما - أن الاقتداء لا أثر له في هذا؛ فإن الإمام إذا تحلل عن صلاته، فقد انقطع أثر القدوة، فليجرِ المرءُ على موجب عقده في التكبير.
ومنهم من قال: يتابع إمامَه فيكبر؛ فإن التكبير من توابع الصلاة، ولهذا رأيناه متقيداً بها.
وهذا التردد ذكره ابن سريج ثم طرده في العكس، فقال: لو كان الإمام لا يرى التكبيرَ، والمقتدي يراه، فهل يتركه متابعةً له؟ فعلى ما ذكرناه.
ولو نسيه الإمام، ولم يأت به، فهذا أيضاً فيه احتمال، والعلم عند الله تعالى.
ولو فرض ما ذكرناه في التكبيرات الزائدة في صلاة العيد، فقد قال الأئمة: يتبع المأمومُ الإمامَ نفياً وإثباتاً، ويترك موجب عقده على القياس المتقدم في القنوت، حيث يراه الإمام، ولا يراه المأموم، أو على العكس، وذلك أن تلك التكبيرات تجري في نفس الصلاة، والقدوة قائمة.
ولو كان المقتدي مسبوقاً، فتحلّل الإمامُ وكبر، فالمقتدي لا يكبر في أثناء صلاته متابعاً باتفاق الأئمة؛ فإن هذه التكبيراتِ مشروعة وراء الصلاة، والمقتدي بعدُ في الصلاة.