ولو قصده صبي أو مجنون، تعيّن دفعُه، ولم يجز الاستسلام.

وهذا فيه نظر؛ فإن المحذور قتل مسلم، وهذا متحقق في الصبي والمجنون، ولعله أظهر من جهة أنهما لا يأثمان، وليسا كالسَّبُع يصول، فإنه يتعين دفعُه قطعاً؛ إذ لا حرمة له أصلاً. والوجه طرد القولين في الصبي والمجنون.

1558 - ثم إن تمكن المقصودُ المصول عليه من الهرب، أو التحصّن بحصن، فلا يجوز له الاستسلام للهلكة والحالة هذه.

فإذا فرعنا على أن الاستسلام لا يجوز؛ فإن فيه الكفَّ عمن سقطت [حرمتُه] (?) وتعريضَ نفسٍ محترمة للهلاك، فعلى هذا لو تمكن المصول عليه من الهرب، فأبى إلا الوقوفَ، ومصادمةَ الصائل، فهذا فيه احتمال ومنع المصادمة ظاهرٌ؛ فإنه قادر على تنجية نفسه من غير أن يسعى في إهلاك الصائل عليه؛ فليفعل ما ينجيه، ولا يُهلك الصائلَ عليه، ويتطرق إلى جواز المصادمة احتمال؛ من جهة أنه يدفع عن ماله، وإن حلّ له بذلُه، لا (?) لمقابلة المال بالدم، ولكن لسقوط حرمة الصائل.

والظاهر عندي القطع بوجوب الهرب، وتحريم مصادمة المسلم عند إمكان الهرب، فلو فعل هذا، لم يفته شيء، ولو لم يدفع عن ماله، فاته المال، فهذا هو الوجه لا غير.

1559 - والذي يتعلق بصلاة الخوف من ذلك أنا سواء أوجبنا عليه الذبَّ عن نفسه، أو جوزنا له الاستسلام؛ فإنه يصلي إذا اختار المصادمة صلاة الخوف؛ فإنه بين أن يجوز له الدفع، وبين أن يجب.

والذب عن دم الغير وعن الحُرم، في كل ما ذكرته بمثابة ذب الإنسان عن دم

نفسه.

...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015