الخوف من الأمور العامة في القتال، وقد ثبت أن ما يقتضيه القتال محتمل، فليلحق هذا [به، ولنقلْ: نجاسةُ المستحاضة إذا لم تُبطل الصلاة للبلوى] (?)، فنجاسة السلاح أولى؛ فإنها في حق من يلقَى قتالاً [ضرورية، وتكليفُ المقاتل تنحيةَ السلاح بعيد] (?)، والوجه أن نقول فيمن صلى في حُشٍّ وموضعٍ نجس، وكان محبوساً فيه: إن القضاء لا يجب، وهو مذهب المزني، والقول الظاهر فيه القضاءُ. وفي تنجيس سلاح المقاتل قولان مبنيان، وهذه الصورة أولى بنفي القضاء، لإلحاق الشرع القتالَ بالأعذار المسقطة لقضاء الصلاة، وتنزيله إياه منزلة عذر المستحاضة.
والذي يحقق هذا أن الريح إذا طيرت نجاسةً وأوقعتها على ثوب [المصلي] (?)، وتمكن المصلي من نفضها -وهي يابسة- على القُرب، ففعل، لم تبطل صلاته أصلاً، ولو تعاطى نجاسةً بيده قصداً ورماها، بطلت صلاته.
فلو كان قياس الاختيار مرعياً في حق الغازي، للزم أن يقال: إذا تعاطى ضرباً، ونحَّى سيفَه على القرب، بطلت صلاته؛ لأنه اختار ذلك.
فإن قيل: لا بد من ذلك في القتال. قلنا: ولا بد من استصحاب السيف في شدة الخوف، نعم: لست أنكر أن الحاجة إذا لم تَمَس، لزم تنحيةُ السيف بردِّها إلى القراب تحت الركاب، ولو كان متقلداً سيفاً، فردَّه إلى الغِمد، فهو حامل للنجاسة لا محالة. فهذا بيان ما أردناه في ذلك.
فصل
1546 - نقل المزني عن الشافعي نصين في صورتين فنذكرهما، ثم نذكر تفصيل القول فيهما إن شاء الله، قال الشافعي: "إذا كان يصلي الرجل مطمئناً على الأرض، فطرأ الخوف، ومست الحاجة إلى الركوب، فركب، لم تصح الصلاة، ولزمت