واحدة، وتخلفت فيهما، ثم لحقت، فهل يجوز ذلك أم لا؟ فعلى وجهين مشهورين: أحدهما - المنع؛ فإن المتبع في تغايير وضع الصلاة النصوص، وما يصح النقل فيه، وقد صحت الحراسةُ على التناوب، وفي ذلك معنى معقول؛ فإن [في] (?) الحراسة تخلفاً عن الإمام بأركانٍ، فإذا تناوب فيها القوم، قلّ التخلفُ من كل فريق، وإذا تولاها قوم في الركعتين جميعاًً، كثر تخلفهم، وكانوا خارجين عن اتباع الشارع.
1535 - ومن أئمتنا من جوز ذلك من طائفة واحدة وقال: تصوير ذلك في ركعة واحدةٍ تخلف لا يجوز مثله في حالة الاختيار، وفيه زيادة على الأمر الذي يحتمله، ولو ساغت الزيادة، لم ينضبط منتهاها، وإنما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمرَ على التناوب؛ لأن الصحابة كانوا لا يحتملون الإخلال برعاية الكمال في الصلاة، وإقامة الجماعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم رعى التَّسوية والنَّصفة فيهم، فإذا رضي قومٌ فينا باحتمال النقيصة، [وإيثار الذب عن الآخرين] (?) في جميع الصلاة، لم يمتنع.
ولم يختلف أئمتنا في أن قوماً في الصف الأول لو حرسوا في الركعة الأولى، ثم لحقوا، ثم حرس في الركعة الثانية آخرون في الصف الأول أيضاً، ولم يحرس في الصف الثاني أحد، فاختص بالتناوب مخصوصون، جاز. وقد لا يصلح لذلك إلا مخصوصون في الجند. فهذا المقدار لا خلاف في احتماله وجوازه.
1536 - ولو حرس في الركعة الأولى مَنْ في الصف الثاني، ثم حرس في الثانية من في الصف الأول، وكانت الحراسةُ واقعة على وجه يُفيد ويحصِّل الغرض، فقد كان شيخي يقطع بجواز هذا، وإن كان الأحزم حراسة الصف الأول. قال الشافعي: لو تقدم مَنْ في الصف الثاني إلى الصف الأول في الركعة الثانية، وتأخر مَنْ في الصف الأول، وقلّت أفعالُهم، جاز، وكان حسناً؛ فإنه كلما تقدم الحارسون كان الإمام أَصْون، وكانوا جُنةً لمن وراءهم، فهذا تمام المراد في ذلك.