فإذا رفع الإمامُ رأسه ورفع القومُ رؤوسهم، فلو فرض سهوٌ قبل الانتهاء إلى حد الاعتدال، فهل يكون ذلك على حكم القدوة؟ فعلى وجهين ذكرهما الإمام رضي الله عنه: أحدهما - أن حكم القدوة باق إلى الاعتدال؛ فإن القوم والإمام مصطحبون.
والثاني - حكم القدوة ينقطع برفع الرأس من السجود؛ فإن الركعة تنتهي بمفارقة السجدة الأخيرة (?).
ثم كان يقول: إذا قلنا رفْعُ الرأس يقطع القدوة، فلو رفع الإمامُ رأسه، وهم بعدُ في السجود، فقد انقطعت القدوة، فلو فرض سهوٌ في هذه الحالة منه أو منهم، فلا يكون على حكم القدوة؛ فإن القوم وإن كانوا في السجود، فقد فارقهم الإمام، وإذا خرج الإمام عن حكم الإمامة، فقد انقطعت القدوة، والأمر على ما قال.
ولم يختلف العلماء في أن الإمام في صلاة الرفاهية إذا سلّم، فسها المأموم قبل أن يسلّم، لم يحمل الإمام ذلك السهوَ؛ فإنه سها ولا إمام له.
1527 - ومما يتعلق بهذه المسألة إذا قلنا: لا تنقطع القدوة قبل الاعتدال، فلا يبعدُ على هذا القول أن يقال: إنما ينفرد القوم إذا ركعوا وتركوا الإمام قائماً؛ فإنهم إنما يفارقونه حساً إذ ذاك، وهذا احتمالٌ، والذي نقلته ما تقدم.
فهذا تفصيل القول في الطائفة الأولى.
1528 - فأما الطائفة الثانية، فلا يخفى تفصيل السهو في الركعة الأولى من صلاة الطائفة الثانية.
فأما إذا قام القوم إلى ركعتهم الثانية والإمام في التشهد ينتظرهم، فلو فرض سهوٌ من القوم في الركعة الثانية، أو من الإمام في التشهد، فهل يثبت حكم القدوة في ذلك السهو؟ فيه وجهان: أحدهما - لا يثبت؛ فإنهم ليسوا مقتدين فيها، بل هم منفردون في الحقيقة.
والثاني - يثبت لهم حكم القدوة؛ فإنهم ما فارقوا الإمام مفارقة تامة، بل هو ينتظر القوم في التشهد، وهم صائرون إليه، فحكم القدوة شامل.