فائدة القول إلى نهي الإمام عن هذا الانتظار، وتصح صلاة الطائفة الثالثة؛ فإنهم لم يأتهم فسادٌ من جهة الإمام، ولم يطرأ على صلاتهم إلا الانفراد، وقد تقدم أن انفراد المقتدي بعذر عن الإمام جائز، وإن لم يكن العذر خوفاً في حرب. والذي اتصف به هؤلاء لا ينحط عن عذرٍ في غير حالة الخوف.
وإن قلنا: تبطل صلاةُ الإمام بانتظاره في الركعة الثالثة، فأول ما نُفرِّعه أنه إذا قرأ الفاتحة، وأدى المقدارَ الذي لا يظهر أثر الانتظار فيه، ثم أخذ يطوّل قصداً إلى الانتظار، فإذ ذاك أتى بالانتظار المفسد على هذا الوجه، فأما مادام في قراءة الفاتحة والسورة، ولم يجاوز حدّ صلاته لو لم ينتظر، فإذا عزم (?) قبل ظهور التطويل فعلاً على الانتظار، فهذا رجل علق نيته وقصده بما [لو] (?) نَجَزَه (?) أفسد صلاتَه.
وقد ذكرت [ذلك] (?) مفصلاً في فصول النية، وأبلغت في البيان والكشف.
وعلى الجملة التعويل في ذلك على القصد؛ فإن الرجل لو طول صلاتَه قصداً، ولم يخطر له انتظار، وكان التطويل في ركن [طويل] (?) لم يضر ذلك.
فإذا فسدت صلاةُ الإمام بسبب الانتظار المنوي، فإن علمت الطائفةُ الثالثةُ بطلانَ صلاته واقتدَوْا به، فصلاتهم باطلة، وإن لم يعلموا بطلان صلاته، فاقتداؤهم صحيح، وهو بمثابة الاقتداء بالجنب مع الجهل بجنابته وحدثه، ثم يطرأ على صلاتهم (?) الانفراد بعد عقد القدوة.
1525 - ويعترض في ذلك أمران: أحدهما - أنهم انفردوا عن صلاةٍ باطلة في علم الله، وهذا فيه نظر.