ثم الصيدلاني خرج اشتراط السكوت على أن الخطبة هل تنزل منزلة الصلاة أم لا؟ وعليه خرج اشتراط الطهارة، وهذا في نهاية البعد؛ فإنّ أخْذ تحريم الكلام من غير الجهة التي ذكرناها، وهي توقع إفضاء ذلك إلى اللغط خروج عن المسألة ووضعها.
ثم من عجيب الأمر أن الصيدلاني وغيرَه من المحققين لم يمنعوا الخطيبَ من الكلام في الخطبة وإن أوردوا الخلافَ في أنه هل [تشترط] (?) طهارةُ الخطيب.
ثم القولان في تحريم الكلام على المستمع مشهوران، فيبعد عندي جداً أن نوجب على المستمع استصحابه الطهارة في استماعه، فإذاً لا تلتقى (?) الطهارةُ وأمرُ الكلام.
فهذا منتهى المرام في هذا الفصل.
وقد نجز به المقصود الأظهر من ذلك.
1490 - ثم نذكر بعد هذا أموراً تتعلق بالآداب في الباب، فنقول: أولاً - إذا أخذ المؤذن في الأذان بين يدي الخطيب، لم يحرم الكلام، ولكن لا ينبغي أن يبتدىء أحد صلاةً نافلةً بعد افتتاح المؤذِّن أذانَ الخطبة؛ فإن الإمام سيخطب على قُرب وقد تتبتّر (?) عليه الصلاة، أو يقع ابتداء الخطبة في بقيةٍ منها.
ولو دخل داخل والإمام في أثناء الخطبة، فمذهب الشافعي أن الداخل يُصلِّي ركعتين خفيفتين، ثم يجلس. وخالف أبو حنيفة (?) فيه، ومعتمد المذهب ما روى جابر: أن سُليكاً الغطفاني دخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي ركعتين وقال: "من دخل والإمام يخطب، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين" (?).