وإذا شغل إحدى يديه بما ذكرناه، شغل الأخرى بالتمسك بحرف المنبر، وإن لم يتفق ذلك، وضع إحدى يديه على الأخرى، كما يفعله في صلاته، أو أرسل يديه وأقرَّهما. وليس في هذا ثَبَتٌ، والغرض ألا يعبثَ.

ثم سبب إقباله على الناس واستدباره القبلة أن يخاطبهم، فإن استدبرهم، وهو يخاطبهم، كان قبيحاً، خارجاً عن حكم عرف الخطاب، ولو وقف في [أخريات] (?) المسجد مستقبلاً للقبلة خاطباً، فإن استدبره الناس، كان قبيحاً، وإن استقبلوه، وأقبلوا عليه، كانوا مستدبرين للقبلة، واستدبار واحدٍ مع استقبال الجميع القبلةَ أحسنُ من نقيض ذلك.

1477 - ثم إذا فرغ من الخطبة الأولى، جلس جلسة خفيفة، وتلك الجلسة واجبة، والغرض يتأدّى بجلسة وطمأنينة، وقد قال الشافعي: يجلس جلسة تسع قراءة الإخلاص، وهي على الجملة في القدْر الواجب والمستحب قريب من الجلسة بين السجدتين.

ثم يقوم ويبتدىء الخطبة الثانية، وينبغي أن تكون الخطبة بليغةً قريبةً إلى الأفهام مترقية عن الركيك، خليةً عن الغريب، مائلة إلى القِصر، فقد قال النبي عليه السلام: "قصر الخطبة، وطول الصلاة مَئنة من فقه الرجل" (?).

وينبغي أن يأتي الخطيب بالخطبة على ترتيلِ وأناة من غير [تغن] (?) وتمطيط.

ثم إذا فرغ من الخطبة الثانية، ابتدأ المؤذّن الإقامةَ، وبنى الخاطب في تسرعه الأمر على أن يقرب وقوفه في المحراب من فراغ المقيم من الإقامة.

فهذا بيان أركان الخطبة وهيئاتها، وما يتعلق بآدابها وسننها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015