فأقول: من نوى القصر، ثم نوى في أثناء الصلاة الإتمامَ، أتمَّ على الصحة، وإن كانت نيةُ الإتمام طارئة، وقد يخطر للفقيه أن النية في أثناء الصلاة لا أثر لها؛ فإن موضع النية ابتداء الصلاة ولكني أقول: المسافر وإن نوى القصرَ، فالإتمام ضمن (?) نيته على أصلنا؛ فإن الأصل الإتمام، ونية القصر قصد إلى الترخص، والترخص مشعر بالتعرض للتمام، وكأنَّ تقديرَ النية فيه: إني أترخصُ، فأقصر إن لم يطرأ ما يقتضي الإتمام، فإن طرأ، فالإتمام جار على أصله.
فليفْهَم الناظر هذا فإنه لُباب الفقه.
1304 - وعلى هذا أقول: إذا نوى القصرَ مسافراً، فجرت السفينةُ، وانتهت إلى حدّ الإقامة، وجب الإتمام، ولا حاجة إلى نية الإتمام، فإن الإقامةَ قطعت حكم الرخص، وإذا انقطعت الرخصة، لم يبق إلا الإتمام، والإتمام قد وقع مدرجاً تحت نية الترخص بالقصر.
ولو دام السفرُ، وقد نوى القصرَ أولاً، وأتم الصلاة صورةً، لم يعتد بما جاء به زائداً على القصر، ولكن إن كان ساهياً يسجد، وإن تعمد ولم يقصد الإتمام، بطلت صلاته؛ فإنه لا بدّ من شيءٍ قاطعٍ للترخص؛ فإنه قد نواه ابتداء، ثم لم تطرأ إقامة، ولا حالة تقطع الرخصة، وهو أيضاً لم يقطعها بنية الإتمام، فإذا أتم صورة عمداً، ولم يقطع الترخص قصداً، تناقض فعلُه وعقدُه. وإذا انتهى إلى الإقامة في أثناء الصلاة، فقد انقطعت الرخصة، وبقي حكمُ الإتمام.
وهذا غائض فقيه.
وعليه يُخرّج أنه لو اقتدى بمسافر، ونوى القصر، فأتم إمامُه، فالمسافر يتم، ولا حاجة إلى نية الإتمام، وكأن نية الترخص معلقة في أمثال هذه المسائل باشتراط دوام ما يقتضي الرخصة، وتقدير هذا يؤذن بالإتمام عند انقطاع الشرط، ثم لا يثبت للإتمام عن هذه الجهة حكمُ التعليق؛ فإن الإتمامَ هو الأصل، فليست النية فيه معلّقة.