ثم لم نكتف في ذلك بما أشرنا إليه، حتى عضده الخبر والأثر، أما الخبر، فقد روي: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حرّم على المهاجرين الإقامة بمكة، ثم رخص لهم إذا قدموا أن يمكثوا بعد قضاء النسك ثلاثاً" (?)، وهذا ظاهر في أن هذا المقدار لا يُلحِق الماكثَ بالمقيم.
وحرّم عمر على أهل الذمّة الإقامةَ في أرض الحجاز، ثم أجاز لمجتازيهم المكث بها ثلاثة أيام (?).
ومذهب أبي حنيفة (?) أن أكثر مدة مُقام المسافر خمسةَ عشر يوماً، وقد روَوْا عن أنس: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة في حجة الوداع عشراً وهو يقصر فيها" (?)، ولم ير الشافعي التعلق برواية أنس في سَفْرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجه، وآثر على روايته روايةَ جابر (?)؛ فإنه كان أحسن الرواة سوقاً لتفصيل أحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالذي رواه أنس من العشر صحيح، ولكن جابراً روى تفصيله، وقد قدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة صبيحة رابعة مضت من