إلى الله، وأجمعها لهذا الغرض الصلاة، ولذلك وجب فيها الانقطاع عن أفعال العادة، والانكفافُ عن خطاب الآدميين، والاستواء في صوبٍ واحد وتلقاءٍ واحد، وهو القبلة؛ فإن الانكفاف عن هذه الملهيات والانكبابَ على الأذكار يحصر الذهن ويذكر الحقائق، وقليل الأكل ينافي هذا الغرض، فإن لم نوجب الصوم، ألحقنا الأكل في الصلاة بالأفعال، وقد تفصَّلَ المذهب فيها. وهذا بعيد جداً، فإن أوجبنا الصوم، فكل ما يفسِد الصوم يفسِد الصلاة، وسيأتي تفصيل مفسدات الصوم في كتابه إن شاء الله تعالى.

925 - ومما يتعلق بهذا الفصل أن المصلي لو زاد ركوعا أو سجوداً عمداً، بطلت صلاته عندنا، وإن كان الركوع الواحد لا يبلغ مبلغ العمل الكثير، وأبو حنيفة (?) لا يُبطل الصلاةَ بزيادة ركن، ويرعى فيها كثرةَ الفعل وقلَّته، ومعتمدنا أن الكثرة والقلة لا تُعنيان لأعيانهما، وإنما المتبعُ المعنى، فزيادة ركن يُظهر مخالفة النظم، ويعتبر بضدّ الأركان، وأما الأفعال، فلا بد من جريان قليلها في ضرورة الجبلّة، والقول في كثيرها ما سبق، وسنعود إلى هذا في باب السجود إن شاء الله تعالى.

فصل

926 - ما أدرك المسبوق، فهو أولُ صلاة المأموم، وإن كان آخر صلاة الإمام، وقد يخالف أبو حنيفة (?) في هذا، ويقول: ما أدركه محسوب له آخراً، وهو يتدارك الأول، وما ذكرناه له آثار، نشير إليها، فنقول: إذا أدرك المسبوق الركعة الأخيرة من صلاة الصبح، وقنت الإمام فيها، فإذا قام المقتدي واستدرك ما فاته، قنت ثانياً؛ فإن القنوت وقع في أول صلاته، ولكنه وقف (?) اتباعاً للإمام، ووفاء بما نواه والتزمه من المتابعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015