وفاء فهرسها- هي الأصح نصاً، والأقوم عبارة، والأبعد عن التصحيف والتحريف.
* والسر في إهمال الفهرس أن كثيراً من الناس للأسف يعدونه تكملة أو حلية، بل فضلة يمكن أن يستغنى عنها.
ومن أجل ذلك يتركونه لعمال المطبعة، يصنعونه كيفما اتفق، على حين أن صياغة الفهرس عمل علمي يقوم به المحقق أو المؤلف بعد قراءة الكتاب صفحة صفحة؛ ليحسن التعبير عن مضمونها، ويكشف عن مكنونها في ألفاظٍ قليلة، واضحة مبينة.
ثم ينسق ذلك في صورة تبين الأصل، وفروعه بمجرد النظر إليه؛ فصناعة الفهرس عمل علمي ليس بالهين، يقوم به المحقق أو المؤلف، أو من هو قادر على الفهم والتعبير، أعني فهمَ نص الكتاب، والتعبير عما فهم.
ومما لا أنساه أنني أنفقت وقتاً ثميناً وبذلت جهداً مضنياً في صناعة فهرس المحتويات لكتاب (الغياثي): وهو يقع في مجلد لطيف؛ قلت في مقدمته: "لقد أجهدني هذا الفهرسُ لياليَ وأياماً، حتى جاء صورة واضحة للكتاب، ييسِّر المعنى الذي يريده الباحث بالتحديد، وعسى أن يكون التوفيق حليفنا".
* ولو دققت النظر في فهرس (المجموع شرح المهذب) للنووي -الطبعة القديمة- لرأيت كيف عُني العلماء الذين أشرفوا على هذه الطبعة بصناعة هذا الفهرس، وكيف أحسنوا تفصيله، وأجادوا ترتيبه وتبويبه، فجاء معيناً للباحث، ودليلاً للطالب، يشهد لصانعه بأنه يعرف غايةً لما يصنع، ويعرف كيف يصل إليها.
كانت هذه الطبعة منذ أكثر من ثمانين عاماً، فماذا جرى؟ وما بال حالنا اليوم؟ قارن فهرس هذه الطبعة من المجموع بفهرس (فتح العزيز للرافعي) التي صدرت في أيامنا هذه!! ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهو وحده المستعان على كل بليِّة.
الفهارس العلمية:
إذا كان هذا هو حال فهرس المحتويات، فما بال مجموعة الفهارس، التي عرفت باسم الفهارس العلمية، أو الفهارس الفنية؟
إن هذه الفهارس برغم أن جذورها وبذورها كانت عند أئمتنا منذ أكثر من ثمانمائة