اعتراف وإنصاف:
ونحب في ختام هذا الفصل أن نؤكد أننا لا نبخس المستشرقين حقهم، ولا ننكر جهدهم، فإذا كان المسلمون الأجداد قد سبقوا إلى الفهارس، فابتكروها، وصنعوا منها هذه الألوان والأفانين، على ضآلة إمكاناتهم، وقلة آلاتهم، وبساطة أدواتهم- إذا كان الأجداد قد فعلوا هذا، فإن الأحفاد قد قعدوا عن متابعة أجدادهم، والنسج على منوالهم، حتى سبقهم المستشرقون.
نعم، أخذ المستشرقون فكرة الفهارس عن المسلمين الأولين، فهم -لا شك- قد اطلعوا على ما وصفناه لك من هذه الآثار؛ فبَنَوا عليها، وزادوا فيها، وتفننوا في ألوانها وأصنافها، فهذا فهرس للأعلام، وذاك للمواضع والبلدان، وآخر للفرق والطوائف، و ... و ... وألحقوا ذلك بما ينشرون من كل كتاب.
وأعانهم على ذلك أمران:
الأول - ظهور المطبعة، ووفرة الآلات والأدوات.
والثاني - أنهم يعملون في ظل مؤسسات، تكفل لهم كل عون، وتقدم كل مساعدة، وهم يعملون كفريق متكامل متعاون، لا يشغلهم إلا العمل الفني وحده، أما تدبير المصادر والمراجع، وتصوير المخطوطات، وإعداد الأدوات، وشؤون الإدارة والطباعة والنشر فكل ذلك لهم مكفول، ووراءهم أجهزة تعمل بغاية الدقة، والتنظيم والتخطيط لتوفر لهم كل ما يساعد على إنجاز أعمالهم.
ويكفيك مثالاً على ذلك "أن المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي تعاقبت عليه جماعاتهم لمدة ثلاث وخمسين سنة" (?).
ولكن سبقهم هذا لم يدم طويلاً، فقد لحق بهم وبزَّهم أعلام المحققين: مثل أحمد زكي باشا شيخ العروبة، وأحمد تيمور باشا، وآخرون.
خلاصة القول: أننا نقول بقول الشيخ أحمد شاكر: إن للمسلمين فضل السبق