منهم من قال: إنه يحلّف الأب، كما يحففه لو كانت صغيرة بكراً؛ إذ الإجبار والإقرار يجريان في الصورتين، والتحليف مأخوذ من قبول الإقرار. وهذا ما أجاب به ابن الحداد.
فعلى هذا: إذا حلف الأب، لم يخفَ حكمه، ولو نكل وحلف هو يمين الرد، ثبت النكاح.
ولو حلف الأب، فله أن يدعي على البنت بعد سقوط الدعوى عن الأب بالحلف؛ فإن أقرت، قُبل إقرارها على الصحيح، وإن أنكرت، حلّفها، فإن نكلت، حلف يمين الرد، وثبت النكاح، وإن كان حلف الأب، فلا يقدح ذلك في يمينه المبنية على نكولها، ولو حلفت، سقط حقه حينئذ لاجتماع حلف الأب والبنت.
والوجه الثاني - في الأصل أنه ليس للمدعي تحليف الأب، وإن كان يُقبل إقراره؛ فإنه قادر على تحليف المرأة البالغة، فهي باليمين أولى.
هذا كله إذا كانت المرأة بكراً.
فأما إذا كانت ثيباً، فادعى على الأب تزويجها، فليس له تحليف الأب؛ فإنه لو أقر، لم يُقبل إقراره، إذ لو أنشأ تزويجها في صغرها ثيباً، لم ينفذ، والإقرار معتبر بالإنشاء.
12639 - منها - مسألة نقول في مقدمتها: من قطع طرف رجل، فطلب المجني عليه الأرش، ففيه اختلاف النصوص، والأقوال، وطرق الأصحاب.
ولو طلب القصاص، فالمذهب أن له ذلك.
وحكى الشيخ أن من أصحابنا من جعل في القصاص قولين، وهذا بعيد، لا أعرف له وجهاً.
ومما نذكره في المقدمة: أن الرجل لو قطع يدي رجل، فمات المظلومُ، ثم قطع وليُّه يدي الجاني، فاندمل، فأرادوا طلب المال في النفس، فليس لهم ذلك؛ فإنهم قد استَوْفَوْا ما يقابل ديةَ النفس، وهذا معلوم في أصول المذهب.