عن الإذن، وهذا هو القياس المعتمد. ومنهم من قطع القول بصحة النكاح، إذا صدر عن إذن المولى؛ للحاجة التي أشرنا إليها.
وهذا ليس بشيء؛ من وجوه: منها - أن أحداً من الأصحاب لم يُطلق انفرادَه بالنكاح، ولو تحقق التعويل على الحاجة، لوجب إلحاق نكاحه بأكله وشربه حتى يستبدَّ به، ولم يصر إلى هذا أحد. والآخر - أن التسري يلزم إخراجُه على قياس النكاح، وإن كان فيه تعريضُ الجارية لخطر الطَّلْق. والآخر - أن مدة الكتابة متناهية، فلا يبعد تكليفُه الصبرَ، وارتقابَ الخلاص من الرق.
وأما تزويج المكاتبة، فالنظر فيه على وجه آخر، فإنه ليس من التبرع، حتى يُلحقَ بما قدمناه، ولكن عَسُر مُدرك تصحيحه؛ من جهة أنها لا تستقل، والسيد لا يليها، وليس مالكَها المستقل؛ فمن هذا الوجه التحق تزويجها في ظاهر الأمر بتزوج المكاتب، وإن بَعُد المأخذان، وإنما يتشابهان في ظاهر الحال (?)، ومن الأصحاب من يقطع بالمنع، لما نبّهنا عليه.
12589 - ومما ذكره الأصحاب أن المكاتب إذا باع بنقدٍ لم يبدأ بالتسليم للمبيع؛ فإن هذا رفعُ اليد من (?) المال على غرر، فكان في معنى البيع نسيئة.
واختلف أصحابنا في أن المكاتب هل يُسْلمُ في أجناس الأموال على شرط الغبطة؟ فمنع منه الأكثرون، على القياس الممهد؛ فإن مقتضى السَّلَم تسليمُ رأس المال في المجلس، وانتظار المسلَم فيه بعده، سيّما إذا كان السلَم مؤجلاً، وجوّز بعض أصحابنا السلَم، وهذا هوسٌ مع منع البيع نسيئة، وكنا نود لو وُجد مذهب في تجويز البيع نسيئة، لما قدّرنا فيه من الغبطة، فإذا لم نجده، وجب طرد قياس الباب، ولم أر هذا القياس إلا في بعض التصانيف، ولست أعتدّ به.
ولا يهبُ المكاتب بالثواب المجهول، وإن كنا قد نصحح الهبةَ كذلك من الحر المطلَق، والسبب فيه أن من العلماء من يُنزل الهبة بالثواب المجهول -إذا صحت-