الأطفال والمجانين، أراد لا حكم لابتغائهم.

وهذه المسألة مأخوذة من بطلان عبارة الطفل والمجنون في العقود، والمعوّل في صحة العقد المفتقر إلى الإيجاب والقبول على صحة العبارة من الموجِب والقابِل.

وقال أبو حنيفة (?): كتابة الصغير الذي لا يعقِل عقلَ مثله جائزة، وهذا بناء منه على تصحيح تصرف العبد الصغير إذا كان بإذن المولى، والسيدُ بإيجاب الكتابة له آذنٌ في القبول، وعندنا عبارة الطفل كعبارة المجنون.

فإن قيل: هلا ربطتم صحة العقد بعبارة الطفل المميز، كما أوقعتم الطلاق بقبول السفيهة المحجور عليها إذا خالعها زوجها؟ قلت: لا سبيل إلى ذلك؛ فإن السفه لا يبطل العبارة بالكلية. فإن قيل: ذكرتم اختلافاً في أن الزوج إذا قال لزوجته الصغيرة: أنت طالق إن شئت، فقالت: " شئت "، هل يقع الطلاق بعبارتها؟ قلنا: من ذكر ذلك الخلاف في المشيئة، لم يذكره في لفظ العقد؛ فإن العقود متضمّنها إلزامٌ، وعبارة الصبي بعيدة عن هذا المعنى، وقول القائل: شئتُ إذا صدر عن فهم يسمى مشيئة. ثم مع تسليم ذلك كلِّه إذا قال للسفيهة: " أنت طالق على ألف "، فقالت: قبلت، لم يثبت الخلع، ووقع الطلاق رجعياً، والكتابة إذا لم يثبت فيها مقتضى إلزام والتزام، فلا وقع لها، والطلاق ينقسم إلى الرجعي والبائن.

فخرج من مجموع ما ذكرناه أن كتابة الصغير باطلة، لا يثبت لها حكم الكتابة الفاسدة، على ما سنجمع أحكام الكتابة الفاسدة، إن شاء الله، ولكن إن قال المولى: إن أديتَ كذا، فأنتَ حُرٌّ، فوجدت الصفة، قضينا بوقوع الحرية لوجود الصفة، ثم لا يرجع المولى [بقيمته عليه] (?)، بخلاف ما إذا فسدت الكتابة الجارية مع العبد العاقل البالغ لما ذكرناه من انتفاء الكتابة بالكلية وتمحُّض التعليق.

وفي النفس شيء من قوله: " إن أديت " فإن هذا أداء من حيث الصورة، وإن كان لا يتصور فيه التمليك، أم كيف السبيل فيه؟ وقد ذكرنا أن قول الرجل لامرأته: "إن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015