المطالبةَ به، وليس يملك المدبَّر على مولاه شيئاً في الحالة الراهنة، وقد نص الشافعي على أن صاحب الدين المؤجل لو أراد أن يدعيَه على المدعى عليه، لم يكن له ذلك، والتدبير كالدين المؤجل؛ من حيث إنه لا يثبت في الحال طلبه، ولكن التدبير عُلقة تُفضي إلى العتق في المآل، كما أن الدين المؤجل إذا انقضى أجله، توجهت الطلبة به، فاتفق الأصحاب على إجراء الخلاف في المسألتين، وإن لم يكن في الحال طلبٌ ناجز.

ثم هذا الذي أطلقناه منتظم في الدَّيْن المؤجل، وفيه غموض في التدبير من وجهين: أحدهما - أن السيد إذا أنكر -على قولنا بإثبات الرجوع فيه مع استمرار الملك- فهل يكون إنكاره بمثابة الرجوع؟ فنذكر هذا الطرف. ونقول: إن لم نثبت الرجوع، فلا سؤال من هذه الجهة، وإن أثبتناه، فهاهنا مسائل، نذكرها ونوضح تباينها واتفاقها:

فإذا ادعت المرأة على زوجها طلاقاً رجعياً، فأنكره، لم يكن إنكاره له رجعةً فيه؛ لأن الرجعة في حكم عقد مبتدأ مفيد لِحلٍّ جديد، ورَفْع تحريم واقعٍ، فلا يكون نفي موجَبه متضمناً إنشاءه. هذا متفق عليه.

ولو ادعى رجل على رجل آخرَ بيعاً فيه خيار للمدعى عليه، فأنكره فإنكاره له لا يكون فسخاً منه للبيع، وسينعطف على هذا ضرب من الاحتمال.

فأما إذا ادعى رجل وصيةً على الموصي، أو ادعى العبد عليه تدبيره، أو ادعى الوكيل على رجل أنه وكَّله، فأنكر هؤلاء الوصية، والتدبير، والتوكيل، فهل يكون إنكارهم رفعاً منهم لما ادُّعي عليهم؟ حاصل ما ذكره الأئمة ثلاثة أوجه: أحدها - أن هذه العقود بجملتها تنفسخ لو كانت ثبتت في علم الله تعالى؛ فإنها معرضة ليفسخ والرفع من جهة المدعى عليه.

ولو قال الموكل -بعد ثبوت التوكيل لوكيله-: لست وكيلي، وجب القطع بالخروج عن كونه وكيلاً، وفي قوله: ما وكلتك أمس هذا المعنى الذي ذكرناه؛ فإنه إذا لم يكن وكيله أمس، فليس الآن؛ وهذا جارٍ في الوصية والتدبير.

والوجه الثاني - أن هذه العقود لا تنفسخ بالإنكار؛ فإن الإنكار إخبار عن ماضٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015