وقال قائلون: لئن زال ملك المرتد، فإذا عاد، فنجعل كأنه لم يزل، والتدبير مطرد، كما ذكرناه في العصير والجلد في حكم الرهن.
ومما يتصل بذلك أنا إذا قلنا: التدبير لا يزول، والملك لا يزول، فلو قتل على الردة، أو مات عليها فماله فيء، فإن وفى الثلث، نفذ عتق المدبر.
فإن قيل: إنما يفرض الثلث حيث يفرض الورثة، والمرتد ليس موروثاً؟ قلنا: نعم. ولكن ماله مصروف إلى جهة مستحِقه، فلا فرق بين أن يكون إرثاً وبين أن لا يكون إرثاً، والتدبير قد أنشأه في إسلامه، وثبت استحقاق العتاقة في ثلثه، فلئن شقي بالردة ومات عليها، فذلك الاستحقاق لا يزول.
ولو أنشأ المرتد التدبير في حالة الردة، فإن قلنا: لا ملك له، فتدبيره مردود، وإن قلنا: ملكه غير زائل، وقد يفرض عليه ضرب حجر من جهة القاضي، كما ذكرناه في كتاب أهل الردة، فإن دبر قبل الحجر، نفذ تدبيره، وإن دبر بعد الحجر، فهو كالمفلس يدبِّر أو يُعتِق، وقد ذكرنا تصرفاتِه في كتاب التفليس.
فصل.
قال الشافعي: " ولو قال لعبده: متى قدم فلان، فأنت حر ... إلى آخره " (?).
12466 - مضمون الفصل أن السيد إذا علق عتق عبده في حالة الصحة، ثم وجدت الصفة في حالة المرض، فالعتق محسوب من الثلث، أم هو نافذ من رأس المال؟ فعلى وجهين: أحدهما - أن الاعتبار بحالة التعليق، وقد كان صحيحاً فيها، فالعتق من رأس المال، كما لو نجَّز العتقَ في الصحة. والثاني - أن الاعتبار بحالة وقوع العتق؛ فإن زوال الملك يحصل يومئذ.
وعلى هذا النحو اختلف الأصحاب في أن من علق طلاق امرأته في حالة الصحة، ووجدت الصفة في مرض موت المعلَّق، فهل نجعله فارّاً (?)؛ فيه الوجهان المذكوران.