وهذا كما إذا أوصى لواحدٍ بمال -والثلث وافٍ به- ومات الموصي، فنفوذ الوصية موقوف على قبول الموصى له، ثم الوارث لا يملك إبطال الوصية قبل القبول، وعلى هذا الأصل إذا قال لعبده: إذا متُّ، ودخلتَ الدار، فأنت حر، فإذا مات، لم يملك الورثة بيعه على هذا القياس الذي مهدناه، والتحقيق فيه أنه يصير بالموت مستحق العتاقة لو دخل الدار.
ولو قال المالك لعبده: إن دخلتَ الدار، فأنت حر، لم يمتنع عليه التصرف بسبب التعليق، وإن كان التعليق لا يتأتى رفعه مع دوام الملك، ولكن معنى التعليق: أن المالك يقول: أنا على سلطاني ما لم يدخل، فإذا وقع التعليق بعد الموت، فليس للوارث أن يقطع عليه ما بناه، وهذا يقرب من العارية والوصية بالمنفعة، فمن أعارَ مَلك الرجوع في العارية.
وإذا قال: أعيروا من فلان بعد موتي داري شهراً، لزم تنفيذ أمره، ولا يملك الوارث الرجوع، وإلا فالوصية بالمنفعة على صورة العارية. هذا منتهى ما جرى به الفكر.
وليس يخلو تعليق عتق العبد بالدخول بعد الموت عن احتمالٍ (?) من طريق المعنى، وقد رمز إليه القاضي، فإن كان لهذا (?) ثبات، فيلزم طرده في مسألة الشريكين، بل هو أولى؛ من جهة أنه ينتظر في عتقه موت الشريك الآخر، وليس ارتقابه مما يستغرب، وليس من الحزم إفساد قاعدة المذهب بمثل هذا، فالأصل ما ذكرناه (?).
ومما يتصل بذلك أن الشريكين إذا قالا: إذا متنا، فأنت حر، فليس واحد منهما مدبراً في الحال، بل كل واحد معلِّق. فإذا مات أحدهما، فقد صار الشريك الثاني بحيث يعتِق نصيبُه بموته؛ فيثبت لنصيبه الآن حكم التدبير، كما تقدم مقتضى التدبير وموجب التعليق.