أحدها - أنه لا يحكم بالعتق أصلاً، حتى يشاء في حياته، ويشاء بعد الموت؛ فإن اللفظ متردد بين المعنيين جميعاً، فما لم يتحققا، لم تحصل الثقة بالعتق.

ومن أصحابنا من قال: مطلق ذلك محمول على المشيئة بعد الموت، وهو الذي صححه العراقيون؛ فإنه لما قال: أنت حر بعد موتي إن شئت، فقد ذكر المشيئة بعد وقت الحرية، فلتقع بعد الموت.

ومن أصحابنا من قال: يحمل اللفظ المطلق على المشيئة في الحال، وهذا متجه، لا بعد فيه؛ فإن قول القائل أنت حر بعد موتي عبارة عن قوله دبرتك، ولو قال: دبرتك إن شئت، فالمشيئة مطلوبة في حالة الحياة.

12461 - وقد نشأ من هذا المنتهى إشكال في شيء، وهو أن الرجل لو قال لعبده: إن رأيت عيناً، فأنت حر، والعين لفظ مشترك بين مسميات: منها العين الباصرة، وعين الماء، وعين الركبة، والدينار، وأحد الأخوين من أب وأم، فلو رأى العبد شيئاً مسمىً بالعين، فهل يعتق إذا لم يعين المعلِّق مسمىً بقلبه؟ والتفريع في مسألتنا على أن العبد لا يعتق ما لم يشأ في الحياة، وبعد الموت هذا فيه تردد.

والوجه: الحكم بأن الحرية تحصل في مسألة العين وما في معناها إذا رأى مسمىً واحداً ينطلق عليه اسم [العين] (?)، وهذا يُضعف -فيما نرى- الوجه الأول (?) في المشيئة.

ومن تمام الكلام في المسألة أنه إذا قال: أنت حر بعد موتي إن شئت، وزعم أنه أراد المشيئة بعد الموت، فلا خلاف بين الأصحاب أنا لا نشترط وصل المشيئة بالموت، ولكن لو انفصلت، جاز؛ فإنها إذا استأخرت عن الخطاب، ووجب وقوعها بعد الموت، فلا معنى لاشتراط اتصالها بالموت، وليست جواباً، والدليل عليه أن قبول الوصية في معنى قبول الهبة والبيع، ثم لما وقع بعد الموت، لم يشترط اتصاله بالموت.

ولو قال: إذا متُّ، فشئتَ، فأنت حر، فهذه الصيغة تقتضي وقوع المشيئة بعد الموت؛ فإنه ذكر الموت وعقّبه بالمشيئة، واختلف أصحابنا في أنا هل نشترط -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015