التجزئة المقصودة في المالية. ولكن هذا غير معتبر باتفاق الأصحاب، بل باتفاق العلماء، ويجري مثلُ ما ذكرناه في الوصية بثلث العبد وثلث الدار، فكان ما ينتقص بالجزئية من رأس المال تعلقاً بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: " إن الله أعطاكم ثلث أموالكم "، ثم لو حططنا الوصية، لكان ذلك على القطع أقل من الثلث بالجزئية والمالية، فكان هذا محتملاً وفاقاً.

ثم إذا تبيّن احتسابُ عتق المدبر من الثلث، فلا شك أن الدَّين مقوم عليه؛ وِبالجملة عتقُ المدبر ينفذ نفوذ الوصايا قدراً ومحلاً، ثم مذهب الشافعي أن التدبير لا يمنع السيد عن شيء من التصرفات التي كانت مسوغة له قبل التدبير، فله البيع، والهبة، والرهن وغيرها من أنواع التصرفات.

وسر المذهب أن التدبير ليس عقدَ عَتاقة، حتى يفرض مقصوداً في نفسه مُوقِعاً حكماً ناجزاً إلى وقوع منتهى المقصود، بخلاف الكتابة؛ فإنها توقع حيلولة في الحال من جانب السيد، وآية ذلك أن الكتابة لو جرت في الصحة، لزمت واحتسب العتق المترتب عليها من رأس المال، فلو جرت في مرض الموت، كانت إذ ذاك تبرعاً محسوباً من الثلث.

وأما التدبير فسواء قُدّر صدوره من الصحيح أو المريض، فالعتق الواقع به عند الموت محسوب من الثلث، وهذا جارٍ في قياس مذهب الشافعي، لا يميل المذهب فيه عما ذكرنا، إلا أن الشافعي قال: لو أصدق الرجل امرأته عبداً، فدبّرته، ثم طلقها قبل المسيس، لم يرتد إليه النصف منه، بل يرجع إلى نصف القيمة.

وهذا لا يخرم القاعدة التي ذكرناها؛ فإنا ذكرنا أن التدبير لا يؤثر في منع التصرفات التي كانت تسوغ قبل التدبير، وارتداد نصف العبد ليس مأخوذاً من تصرف ينشئه مالكٌ، ولكن تشطر الصداق [بدْع] (?) في جهات انتقاض الأملاك؛ من حيث إنه ليس فسخاً، والمرأة متسلطة على التصرف في جميع الصداق قبل الطلاق، فلا يقف شيء من تصرفاتها على تأكد النكاح بالمسيس، فلما تحقق الشافعي ذلك، لم ير أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015