ثم نخوض من هذا الموضع في تفصيل جر الولاء، فنقول: إذا نكح مملوكٌ معتَقةً، فأتت بولد، فهو حر بمثابة الأم، ويثبت عليه الولاء لموالي الأم، ولا يثبت الولاء لمالك الأب؛ فإنه لا ولاء له عليه، فكيف يثبت له الولاء على ولده؟ وإنما قلنا كذلك، لأن الولاء انتساب إلى المنعِم بالعتق، ولم يتحقق ذلك في جانب الأب، ثم لو أعتق السيد العبدَ، ثبت له ولاءُ المباشرة عليه، وانجرّ الولاء على ولده إلى معتِق الأب من معتِق الأم، وهذا أصدق في تقوية جانب الأب في انتساب الولاء؛ فإن الولاء الثابت المحكوم بثبوته لمولى الأم ينقطع عنه، ويثبت لمعتِق الأب.
ومما يجب الإحاطة به في هذا المقام أن الولد لو مات والأب رقيق بعدُ، فورثه مولى الأم، ثم عَتَقَ الأبُ، فذلك الميراث المحكوم به لا ينتقض، بل هو مقر على ما جرى الحكم، والسرّ فيه أن الولاء إذا انجرّ، فليس المعنيّ بانجراره أنا نتبين من طريق الاستناد أن الولاء لم يزل في جانب الأب؛ ولكن المراد به أنه ينقطع من وقت عتق الأب عن مولى الأم، وينجز إلى مولى الأب.
ولو نكح معتَق معتَقة، فأتت بولد، فنفاه المعتَق باللعان، فإن انتفى نسبه، فلا ولاء عليه لمولى الزوج؛ فإن [الولاء] (?) يتبع النسب، فلو مات ذلك الولد، صرفنا ميراثه إلى مولى الأم.
ولو كذب الزوج نفسه، واستلحق النسبَ الذي كان نفاه باللعان، لحقه النسب، ثم ينقطع الميراث عن مولى الأم؛ فإن هذا بابه الإسناد والتبيّن، وهذا واضح لا خفاء به، فوضح أن سبب (?) الجر يقطع ولاء الولد عن موالي الأم، ولا يستند ذلك إلى متقدم سابق.
ومما نذكره في أصل الجر أن المعتَق لو نكح أمة، فأولاده منها أرقاء، فلو أعتقهم مالكهم، ثبت له الولاء بمباشرة العتق، وولاء المباشرة لا يثبت لغير المعتِق، ولا ينجر إلى جانب الأم أصلاً، وإنما ينجر ولاءٌ ثبت عن تعدي الولاء من الأم إلى الولد. وهذا متفق عليه.