ذلك أم لا؟ ذكر صاحب التقريب والعراقيون وجهين: أحدهما - لا تسمع الدعوى؛ فإن المسألة مفروضة فيه إذا كان الزوج منكِراً للنكاح؛ فإنه لو أقر، لثبت النكاح بتقارّهما، فإذا أنكر، فأحد الوجهين أنه تلغو دعواها، ولو أرادت إقامةَ البينة على النكاح، لم تسمع منها؛ فإن النكاح حقه عليها، وله الدعوى فيه عليها؛ فيبعد انعكاس الترتيب في الدعوى.
والذي يوضح ذلك أنه إذا أنكر كونَها منكوحة له، فتحرم عليه بذلك القول، فلا معنى لقبول دعواها والحالة هذه، ثم إذا لم نقبل دعواها، لم نسمع بينتها.
والوجه الثاني - أنه تقبل دعواها؛ فإن لها حقوقاً في النكاح، والنكاح مشتمل عليها؛ فدعوى النكاح تتضمّن تلك الحقوق. ثم هذا القائل يقول: إذا أنكر الرجل أئه نكحها أصلاً، أو قال ليست منكوحة لي، وفسّر ذلك الإنكار بنفي أصل النكاح، أقامت المرأة البينة أنه نكحها نكاحاً صحيحاً، فيثبت النكاح.
وذكر صاحب التقريب وجهاً ثالثاً. فقال: إن أنكر الزوج أصل النكاح والعقد، فلا تقام البينة عليه، وإن اعترف بالعقد ولكنه زعم أنه شغر من الولي، أو لم يَجْر بمحضر شاهدين، فأقامت المرأة البينة أن ذلك النكاح كان مستجمعاً لشرائط الصحة، فنقبل منها ونُثبت النكاح ونُثبت حقوقَها، ولها طلب القَسْم إن كان للزوج نسوة سواها.
وهذا نقلٌ منا لما ذكره صاحب التقريب والعراقيون، والبحث وراء ذلك.
12239 - فنقول: أما الوجه الثالث، فلا خير فيه، فإنه إذا أنكر صحةَ النكاح، فلا أثر للاعتراف بصورة العقد، فليحذف هذا من البَيْن، ثم النظر بعد ذلك.
فنقول: الكلام في المسألة يتعلق بثلاث منازل: إحداها - أن تدعي المرأة النكاح، فيسكت الرجل، ولا يبدي إنكاراً، ولا إقراراً، ففي سماع البينة والحالة هذه وجهان: [أحدهما - لا تسمع البينة] (?)؛ من جهة أنها لم تتعرض إلا للنكاح، وهي لا تستحق بالنكاح على زوجها مُستمتَعاً، ولم تتعرض لحقوقٍ مالية، حتى نقدرَها مقصودةً بالدعوى.