فقد صار ملكاً، والخصومة بين الشخصين، والمراد به أنه صار ملكاً لهذا في حق ذاك.
فإن قيل: إذا كان يحلف على النصف، فكيف صيغته؟
قلنا: يقول: بالله إن النصف الذي في يدك ملكي. وهذا على هذا الوجه متحقق، وكذلك يشتري الإنسان الجزء الشائع في يد إنسان، فإن الدار المشتركة بين شريكين إذا أراد أحدهما بيع نصيبه، فالمشتري يقول: اشتريت منك نصفك، فكما ينسب النصف إلى ملك الشريك، ينسب النصف إلى يد الشريك، وقد نطيل الكلام إذا أعضل شيء، وأعلمُ أنه لا يتبرم به طالب الحقيقة.
ولو عرضنا اليمين على أحدهما أولاً، فنكل، وقد جرى التداعي بينهما، فنحلّف الثاني على النفي والإثبات جميعاً، وإذا نفى وأثبت وحلف عليهما، فقد أطلق الأصحاب أن الملك يثبت له في جميع الدار، وهذا إنما أطلقة من لم يغُصْ.
والوجه أن نقول: يمين الرد تجري في نصف الدار على الإثبات، ويمين النفي تجري في نصفها، ولا حاجة فيما هو يمين الرد إلى استدعاء الخصم والتماسه، بل يكفي فيها نكوله، فأما يمين النفي في النصف الآخر، فلا سبيل إلى عرضها ما لم يطلبها الخصم؛ فإنها حقه؛ فتبين أن اليمين إن كانت واحدة يجب أن تكون مطلوبة من وجه، ويجوز ألا تطلب من وجه، كما نبهنا عليه.
وإذا حصلت الإحاطة بما ذكرناه، فلو قال المردود عليه: بالله إن هذه الدار لي وليس لصاحبي هذا فيها حق ولا ملك، فلا يضر إضافة النفي والإثبات إلى جميع الدار؛ فإن اللفظ على هذا الوجه أجمع وأحوى للغرض.
ولو أراد أن يقول: بالله إن النصف الذي في يد صاحبي لي، ولا حق له ولا ملك في النصف الذي هو في يدي، لكان جائزاً على الأصل الذي مهدناه.
ثم إذا نكل الأول، وأردنا تحليف الثاني؛ أيكتفى بيمين واحدة، أم لا بد من يمينين؟ فعلى وجهين: أقيسهما - تعدد اليمين لتعدد المقصود وتغايرهما، بل لاختلافهما؛ فإنه في البعض مدعىً عليه، وفي البعض مردود عليه، وهما في التحقيق خصومتان.