به، قام إقراره حجة عليه، وكان مؤاخذاً به. وإن كان لا يمتنع أن يتجدد له الملك في ذلك المقَر به. ولولا هذا الأصل المتفق عليه، لما كان في الأقارير حجةٌ، ومتعلَّقٌ، على ما رآه الأولون، فإذاً مهما ادعى المقِر ملكاً، فدعواه مردودة، إلا أن يسنده إلى التلقي من المقَر له، أو يسنده إلى التلقي ممن تلقى منه.
ولو ادعى رجل ملكاً في يد إنسان، وأقام بينة على ملك نفسه، ووقع القضاء بموجَب بينتِه له، فلو جاء المدعى عليه -بعد زوال يده، والقضاء بالملك للمدعي- وادعى أن هذه الدار ملكي، فقد تلقيت من كلام الأصحاب في هذا تردداً في أن دعواه المطلقة هل تسمع؟ وليقع الفرض فيه إذا لم تكن له بينة.
فالذي ذهب إليه الأكثرون أن الدعوى على الإطلاق مسموعة هاهنا بتأويل التلقي، وإن لم يذكره. ومنهم من قال: لا بد وأن يذكر في دعواه تلقي الملك ممن قامت له بينة، كما ذْكرناه في الإقرار، ومن سلك المسلك الأول فرّق بأن المقر مؤاخذ بحكم قول نفسه، والبينة لم تشهد إلا على الملك في الحال، فلم ينبسط أثرها على الاستقبال. وهذا الذي ذكرنا، في المدعى عليه.
فأما إذا جاء أجنبي وادعى ملك الدار مطلقاً، فدعواه مسموعة، وإن قامت البينة بالملك للمدعي من قَبْلُ، وتلك البينة موجبها انتفاء الملك عن الناس كافة دون المدعي! فليتأمل الناظر هذا الموضع.
فرع:
12221 - إذا أقام المدعي بينة، وقضى القاضي بها، ولم يُزِل بعدُ يدَ المدعى عليه حسّاً، ولكن قضى باستحقاق إزالتها، فلو أراد صاحب اليد أن يقيم بينة بعد نفوذ القضاء باستحقاق يده؛ فهذا مرتب على ما إذا أزال يده، ثم أراد أن يقيم البينة كما تقدم تفصيله، فإن قلنا: بينته مسموعة بعد إزالة يده حساً، فلأن تسمع حيث لم تزل يده بعدُ أولى. وإن قلنا: إذا أزيلت يده، لم تسمع بينته مستندة إلى يده، فهل تسمع إذا جرى القضاء ولم تزل اليد بعدُ؟ فعلى وجهين، والفرق لائح. وقد نجز مقدار غرضنا في القسم الأول (?).