كل قتيل ميت، وليس كل ميت قتيلاً، فعلى هذا يَعتِق العبد. والقول الثاني - أن البيّنتين تتعارضان وتسقطان، ولا عتق، إذا حكمنا بالتهاتُر، وإن حكمنا باستعمال البينتين، فإحداهما تقتضي العتق. والأخرى تقتضي دوام الرق، فسيأتي أقوال استعمال البينتين.
ويخرج [فيها] (?) قول القرعة بين البينتين، فإن خرجت عن بينة الموت رَقَّ العبد، وإن تكن الأخرى عَتق.
ومن أقوال الاستعمال الوقفُ، وهذا لا يخرج هاهنا؛ فإنه لا منتهى له، وهو في التحقيق ضبط العبد، وتعطيل منفعته. وأما قول القسمة، فموجبه إن سبق إليه ذو مذهب أن يعتق النصف ويرق النصف. وفي مثل هذا كلام سيأتي مشروحاً في كتاب الدعاوي إن شاء الله تعالى.
ومما ذكره الشافعي أنه لو قال لعبده سالم: " إن متُّ في شهر رمضان، فأنت حرّ " وقال لغانم: " إن مت في شوال، فأنت حرّ " ومات. وشهد لكل واحد شاهدان، فقد ذكر قولين: أحدهما - شاهدا الموت في رمضان أولى؛ لأن عندهما زيادة علم، وهو إثبات الموت في رمضان. والثاني - هما سواء. قال ابن سريج: بينة شوال أولى؛ لأنه قد يغمى عليه في رمضان، فيظن ظان أنه قد مات. فإن أمكن حمل الأمر على هذا، اقتضى ذلك ترجيحَ بينة شوال، ثم إن رجّحنا بينةً، قضينا بموجبها، ورددنا الأخرى، وإن حكمنا بتعارض البينتين وتساقطهما، فقد عتق أحد العبدين، وأشكل الأمر. ولو اتفق مثل ذلك، لم يخفَ الحكم في أن الرجوع إلى الورثة [أم] (?) كيف السبيل فيه؟ وهو بمثابة ما لو قال: إن كان الطائر غراباً، فسالم حرّ، وإن لم يكن غراباً، فغانم حرّ، ومر الطائر وأشكل الأمر، ومات المولى، وهذا مما تمهد في الطلاق. وغالب الظن أنه سيعود طرف منه في كتاب العتق إن شاء الله.