الآخر؛ فأنا والقليل القيمة نزدحم وراء ذلك؛ فيقسم العتق بين نصفي الثاني وبين جميع القليل القيمة نصفين، فيعتق من القليل نصفه، ويعتق من الكثير ربع آخر، فيعتق ثلاثة أرباع الكثير القيمة ونصف القليل القيمة، وهذا وجه.
ومن أصحابنا من سلك مسلكاً في قسمة العتق بينهما، فقال: الكثير القيمة ضِعف القليل القيمة، والقليل القيمة نصف الكثير القيمة؛ ويعتق منهما مقدار ثلث المال، فالكثير القيمة يقع مع القليل القيمة ثلثين، والقليل القيمة يقع مع الكثير القيمة ثلثاً، فيضرِبُ الكثيرُ بالثلث كلِّه، ويضرب القليلُ بنصف الثلث، فنوزِّع الثلث عليهما أثلاثاً، نصرف ثلثيه إلى الكثير القيمة ونصرف ثلثه إلى القليل القيمة، فيجب من ذلك أن يعتق الثلثان من الكثير، والثلث من القليل، وفي ذلك استكمال الثلث.
وقد قال الأصحاب: لو تداعى رجلان وصيتين، فأقام أحدهما البينة أن الموصي أوصى له بكل ماله، وأقام الآخر البينة أنه أوصى له بثلث ماله، وأجاز الورثة الوصية في كل المال؛ فإنهما يقسمان المال بينهما على حساب العول، فإن أحدهما يضرب بثلاثة أثلاث المال، والثاني يضرب بثلثه، وحساب العول يقتضي أن يكون المال أرباعاً بينهما: ثلاثة أرباعه للموصى له بالكل، وربعه للموصى له بالثلث.
ومذهب أبي حنيفة (?) أن المال يقسم بينهما على الدعوى، فيقول صاحب الجميع: الثلثان لا نزاع فيهما، فلْيُسلّما إليّ. ويبقى الثلث بيننا، أنا أدعيه وأنت تدعيه، فنُقَسِّم هذا الثلث بيننا نصفين، فيخلص لصاحب الجميع خمسةُ أسداس المال، ولصاحب الثلث سدسه، والأصحاب لم يذكروا هاهنا إلا مذهب العول، ورأوا مذهب التداعي لأبي حنيفة، وقد ذكرنا مذهب التداعي وجهاً لأصحابنا في مسألة عتق العبدين، وأحدهما ثلث والثاني سدس، ولا فرق قطعاً بين المسألتين. فيلزم من ذكر قسمة التداعي وجهاً ومذهباً لنا أن نطرد ذلك الوجهَ في الصورة التي ذكرناها آخراً في الوصية وأمثالها، حتى نجري التداعي مهما (?) اتجه إجراؤه.