12188 - وقال الشافعي: " ولو أنفذ القاضي بشهادتهما ... إلى آخره " (?).

إذا بان الشهود عبيداً، أو مشركين، أو فسقة على القول الصحيح، وحكمنا بانتقاض القضاء على معنى التبين، فإن كان المشهود به عينَ مالٍ، وأمكن استردادها، استردها، وردّها على المشهود عليه، فإن كانت فائتة، غرم المشهود له بدلَها إذا فاتت في يده، وسلّم القيمة إلى المشهود عليه، وإن لم نتمكن من المشهود له، فالقاضي يغرم للمشهود عليه، وفي محل الغرم قولان: أحدهما - يجب في ماله، والثاني - يجب في مال بيت المال، وهذا مما استقصيناه في بابه ضما إلى أحكام خطأ الولاة.

ثم إذا غرم القاضي من ماله مثلاً، فهل يرجع على الشهود بما غرم؟ قال الأصحاب: إن بانوا فسقة، لم يرجع عليهما. وإن بانوا عبيداً أو مشركين، ففي الرجوع قولان: أحدهما - لا يرجع، كما لو بانوا فسقة. والثاني - يرجع.

والفرق أن الفاسق مأمور بكتمان الفسق، مندوب إلى حفظ الستر على نفسه، إلى أن يوفقه الله للتوبة، والمشرك لا يُخفي الشرك، والعبد لا يُخفي الرق، وهما مأموران بإظهار الرق والكفر.

فإن قلنا: يثبت الرجوع - فإن كان المرجوع عليه مشركاً ملتزماً للحكم بذمة أو عهد، فيرجع عليه بما غرِم في الحال. وإن بأن الشاهد عبداً، فحق الرجوع يتعلق بذمته أو برقبته؟ فعلى قولين: أحدهما - أنه يتعلق برقبته؛ فإن ما صدر منه في حكم الجناية. وأروشُ الجنايات تتعلق برقبة العبيد. والثاني - لا يتعلق برقبته؛ لأن العبد يبعد أن يعلق حقاً برقبة نفسه بقول يصدر منه، ولو أقر بجناية موجَبُها مال، لم يتعلق الضمان برقبته.

وقطع الأصحاب في الطرق أن الشاهد لو بان صبياً، فلا رجوع عليه في ماله؛ فإن التقصير من القاضي، والصبا لا يخفى.

وإن فَرَض متكلِّف صبياً مناهزاً شاطّ (?) القدّ قد طُرّ شاربه، فما ذكرناه لا يندفع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015