ففي وجوب القصاص وجهان: أحدهما - لا يجب، لأن كل واحد أقر بقتلٍ على شركة خاطىء، ولم يقر بالعمد المحض.

والثاني - يجب؛ لأن كل واحد منهم مقر بالعمد في حق نفسه، وإنما يدعي خطأ من شركائه، وقوله مقبول في حق نفسه مردود في حق شركائه.

وإن قال القاضي: علمت كذبهم وتعمدت، فعليه القَوَدُ، قطع الأئمة به؛ فإن مقامه لا ينحط عن مقام شاهد.

ولو رجع المزكّي عن تزكية الشهود، فقد ذكر أصحابنا في وجوب الغرم عليه وجهين، ثم ذكروا على أحد الوجهين في القصاص وجهين، وحاصل الكلام ثلاثة أوجه في الغرم. والقصاص، وهذا عندي مُحوِجٌ إلى فضل نظر.

فإن قال المزكي: زكيتهم مع العلم بفسقهم وكذبهم، فهذا موضع خلاف للأصحاب. وإن قال: زكيتهم مع العلم بفسقهم، ولم أعلم كذبَهم، فقد قال الأصحاب: هذا كما لو زعم أني علمت كذبهم، وما ذكروه ظاهر، ولكن قد يتجه في القصاص ترتيبٌ لحالة على حالة، والأمر فيه قريب.

12179 - ومن أهم ما يجب الاعتناء به، أن الذي ادعى القصاص لو رجع عن دعواه، وأصرّ الشهود، فعليه الغُرم (?) والقود. وإن رجعوا كلهم (?) [والوليُّ] (?) هو الذي اقتص، فلا شك في وجوب القود عليه، وهل يجب القود على الشهود؟ فعلى وجهين - ذكرهما القاضي: أحدهما - لا قصاص على الشهود؛ فإن الولي قتل مختاراً، وليس في حكم المكره، والشهادات سبب، فهي بالإضافة إلى قتل الولي كالإمساك مع القتل. وهذا هو الذي بنينا عليه (الأساليب).

والوجه الثاني - أن القصاص يجب على الشهود مع الولي؛ فإنهم من جملتهم تعاونوا على القتل، وكانوا كالمشتركين فيه. وليسوا كالقاتل والممسك؛ فإن الشهود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015