بمثابة قولنا في المرض الذي يجوز الإفطار به في نهار رمضان، وقد ذكرنا أنا لا نرعى فيما يجوز الإفطار به الخوفَ؛ لأنه قرينة السفر، كذلك لشاهد الأصل أن يمتنع لعذر السفر.
فالذي يجب تحصيله أن ينال المريض مشقةٌ ظاهرة، وألمٌ مُقلق يعسر الاستقلال بحمله. هذا قولنا في المرض.
وكل ما يجوز ترك الجمعة به من خوفٍ من غريم أو ما في معناه، فيجوز الامتناع عن الحضور بمثله.
فإذا تمهّد ما ذكرناه، فقد أطلق الأصحاب أن الفروع يشهدون، وكان من الممكن أن يحضر القاضي مكان شاهد الأصل، ويُصغي إلى شهادته؛ ولكن لم أر أحداً من أصحابنا يُلزم ذلك، أو يُشبّب بذكر خلافٍ فيه، وكذلك لم يوجبوا أن يستخلف (?) من يحضر شاهدَ الأصل.
وإذا وقفت القضية (?) على الإشارة إلى عينٍ، فعلى القاضي أن يَحْضُرَها (3 لتمييز الشهود، أو يستخلف من يحضرها 3) لذلك، والسبب فيه أن القضاء غير ممكن من غير تعيين، وفي ترك الحضور تعطيل الحكم. وامتناعُه عن سماع شهادة الفروع مع حضور الأصول من باب الاحتياط، وإلا إذا كان الفروع عدولاً، فتحصل الثقة بنقلهم، فلا نكلف القاضيَ الترددَ على الدورِ والمساكن، مع ما فيه من التبذل وحطّ منصب الولاية لمكان الاحتياط. ولا خلاف أن رواية الراوي مقبولةٌ، وشيخُه في البلد، وكل ما لم يثبت فيه توقيفٌ شرعي تعبدي يميّز الشهادة فيه عن الرواية، فلا يبعد في وجه الرأي التسويةُ بينهما.
والقدر الثابت أن شهادة الفروع مقيدة بحال عذرٍ يطرأ على الأصل، فهذا منتهى الغرض في ذلك، لم يتعدّه حفظي ونظري.