خصومة واحدة، كنقلهما شهادات في خصومات.
والقول الثاني - أنهما إذا تحملا شهادة أحد الشاهدين، لم يُنشئا غيرها، ولا بد من شاهدين آخرين على شهادة الشاهد الثاني؛ فإنهما قاما مقام أحد الشاهدين، فلا ينبغي أن يتعرضا للشق الآخر، فإن من احتيج إلى شهادته في إثبات شق شهادة، لم يثبت بشهادته الشق الآخر، كما لو شهد واحد على طريق الأصل، ثم أراد أن يشهد مع شاهد آخر على طريق الفرع على شهادة الثاني، فإن ذلك ممتنع.
فإن قيل: لو شهد على شهادة أحد الشاهدين أربعة من الذكور العدول، ثم هم بأعيانهم شهدوا على شهادة الشاهد الثاني؛ فما ترون في ذلك؟
قلنا: إن فرّعنا على القول المختار للمزني، فلا إشكال في ثبوت شهادة الأصل؛ فإنا إذا أثبتنا ذلك بشاهدين، فلا امتناع في إثباته بأربعة، وإن فرّعنا على القول الآخر، وهو: أن من استقل بأحد الشقين لم ينتهض في الثاني - ففي هذه الصورة وجهان: أحدهما - لا تثبت شهادتهما بشهادة الأربعة على كل واحد منهما، فإنهم وإن كثروا، قائمون مقام شاهد واحد، فينبغي ألا يقوموا مقام الشاهد الآخر.
والوجه الثاني - تثبت شهادتهما، كما لو شهد اثنان على أحدهما وشهد اثنان على الآخر، وهذا هو الذي لا يجوز غيره؛ فإنه إذا شهد أربعة على الشهادتين، فقد شهد على كل شهادة شاهدان.
ولا خلاف أنه لو شهد شاهدان على إحدى الشهادتين، وشاهدان على الشهادة الأخرى، تثبت الشهادتان؛ فلا ضرر في تعرض الكل للشهادتين.
فأما من شهد أصلاً، وشهد مع شاهد آخر على شهادة أصل آخر، فلا تثبت شهادة ذلك الأصل بهذه الطريقة؛ فإن ذلك الأصل الشاهدَ بنفسه، والشاهدَ على شهادة صاحبه، يريد أن يقوم بثلاثة أرباع الشهادة في محل النزاع. وهذا ممتنع لا سبيل إليه.
12164 - ومما يتفرع على هذه القاعدة، أنا إذا قلنا: الشهادة على الشهادة مسموعة في الزنا، فكيف السبيل إلى إثبات شهادات الشهود الأربعة على الزنا؟