الشهادة، وصرفِ القول إليها، ولا يُحمل إلا بثَبَتٍ، وهذا مما اتفق الأصحاب عليه.

فإن قيل: إذا سمع الشاهد رجلاً يقول في غير مجلس القضاء: لفلان عليّ ألفُ درهم، فله أن يتحمل الشهادة على إقراره بالمبلغ المذكور، ومن الممكن أن يقال: أراد المقِر بقوله إشارة إلى عِدَةٍ (?) سبقت منه في عطية، وهو على مقتضى الوفاء بالمكارم ملتَزِم بتوفيتها وتصديقها، كما ذكرنا مثله في لفظ الشهادة، وهذا السؤال فيه إشكال، وفي الفرق بين الإقرار ولفظ الشهادة عُسْرٌ.

وقد حكى العراقيون عن أبي إسحاق المروزي أنه قال: لا يجوز التحمل في الإقرار لاحتمال العِدَة، كما لا يجوز التحمل في الشهادة، فلا فرق عنده بينهما، ولا بد من قرينة تنضمّ إلى الإقرار، وتتضمن صرفَه نصّاً إلى الإخبار عن الاستحقاق، مثل أن يقول: " لفلان عليّ ألفٌ عن ضمانٍ أو ثمنٍ أو قيمةِ مُتْلَف "، كما لا بد من قرينة مع لفظ الشهادة حتى يصحَّ تحملُها.

وهذا الذي ذكره المروزي في الإقرار بعيد جداً، وإن كان في التسوية بينه وبين الشهادة اتجاه في القياس. وما زال الناس يتحملون الشهادات على الأقارير المطلقة في الديون والأعيان (?)، فالوجه الفرق، وهو أن نقول: إذا قال القائل: أشهد أن لفلان على فلان كذا، فقد يُطِلق هذا وليس هو على حد التثبت التام والتحقيق الجازم.

وإذا آل الأمر إلى إقامة الشهادة في مفصل القضاء، فإذ ذاك قد يتثبت، ولا يطلق ما كان يذكره في غير مفصل القضاء. فأما الإقرار الجازم، فلا يطلقه المرء إلا وهو على بصيرة فيه. هذا حكم العادة.

فالوجه إذا أردنا الفرق، أن نُضرب عن التعرض للعِدَة، وتقدير الوفاء بها؛ فإن ذلك بعيد (?)، لا يحمل على مثله كلامٌ مطلق. ونردّ الفرق إلى ما ذكرناه من إمكان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015