شهادة العدو بشهادة الخصم، واستثنى الإجماعُ ردّ [الشهادة] (?) المعادة، وليس عند من يشتغل بمعاني الفقه معنى يترتب عليه ردُّ الشهادة المعادة.
12145 - ومما ينبغي أن يحاط به أن العبد المملوك إذا تصدى للشهادة، والقاضي علم برقِّه، فإنه يمنعه من إقامة الشهادة، وكذلك القول في الكافر والصبي، فأما الفاسق، فإن كان في أمره نظر، فلا شك أنه يصغي إلى شهادته، ثم يبحث عن حالته، فإن كان الشاهد معلناً بالفسق، فالذي كان يقطع به شيخي أن القاضي لا يصغي إلى شهادته؛ إذ يَقْبُح أن يُصغي القاضي إلى ثملٍ بيده قدح.
وذهب بعض أئمتنا إلى أنه يصغي إلى شهادة المعلن، ثم يرد شهادته، وهذا بعيد عن قياسنا.
ولو شهد السيد لمكاتَبه، فلا شك في رد الشهادة، فلو عَتَق المكاتَب، فأعاد السيد تلك الشهادة، ففي بعض التصانيف وجهان في قبول الشهادة المعادة: أحدهما - أنها مردودة كالشهادة المردودة بالفسق، إذا أعيدت بعد ظهور العدالة. والثاني - أنها مقبولة. والرد مخصوص بمسألة الفسق، وكأن القائل الأول ينظر إلى التعيّر بالرد الأول، ونسبة الشاهد إلى ترويج شهادته المعادة لما يُداخله من الغضاضة. وهذا قد يتحقق في رد شهادة السيد للمكاتب، ولما فيه من النظر، اختلف الأصحاب.
ولو ردت شهادته للعداوة، ثم زالت العداوة الظاهرة، وصار يوالف من كان يعاديه، فإذا أعاد تلك الشهادة، ففي المسألة وجهان، وهذا قريبٌ مما تقدم؛ من جهة أن البحث يتسلط على العداوة، وليس في رد شهادة العدو ما يَسْينه.
12146 - فكأن المعتبر في الوفاق والخلاف أن الرد إذا كان بسببٍ ظاهر، وكان لا يعيِّر الردُّ المردودين، فإذا زالت الموانع، وأعيدت الشهادة، فالقطع بالقبول.
وإن كان السبب الذي به الرد مجتَهَداً فيه، وكان مع ذلك معيِّراً، فالقطع بردّ الشهادة المعادة، وإن تطرق الاجتهاد ولا تعيُّرَ في الرد، ففي رد الشهادة المعادة وجهان، والفصل تقليدي، لا انتهاض لمعاني الفقه فيه.