ضاربها، والمستمع إلى صوتها. وقد نص الشافعي أن من أوصى بطبل اللهو، فالوصية باطلة، ولا يعرف طبل لهو يلتحق بالمعازف -حتى تبطل الوصية بها- إلا (الكوبة)، ولست أرى الطبول الصغار التي تُهيأ لملاعب الصبيان محرَّمة؛ فإنها إن لم تلتحق بالطبول الكبار، فهي في معنى الدّف.
ولم يتعرض القاضي (للكوبة)، ولو رددنا إلى مسلك المعنى، فهي في معنى الدف، ولست أرى فيها ما يقتضي تحريماً، إلا أن المُفْلِكِين (?) يعتادون ضربها، ويتولعون بها.
والذي يقتضيه الرأي أن ما يصدر منه ألحان مستلذة تَهِيجُ الإنسان، وتستحثه على الشرب، ومجالسة إخوانه، فهو المحرّم، والمعازف والمزامير كذلك، وما ليس له صوت مستلذ، وإنما تنتحب (?) في [إيقاعات] (?) قد تطرب، فإن كانت لا تُلذ، فجميعها في معنى الدف، والكوبةُ في هذا المسلك كالدف، فإن صح فيها تحريم، حرّمناها، وإلا توقفنا فيها.
والضرب بالصَّفَّاقَتَيْن (?) كان يحرمه، وهو مما يعتاده المخنثون، وفيه نظر عندي بيّنٌ؛ فإنه لم يرد فيه خبر، إن فرض ورود أخبار في الكوبة.
واليراعُ الذي حكينا فيه الخلاف ليس هو المزمار الذي يسمى العراقي، ويضرب مع الأوتار، بل لا نشك في تحريمه. وقد روى الرواة: " أن ابن الزبير كانت له جوارٍ عَوَّادات، فدخل عليه ابن عمر وبالقرب منه عود، فقال له ابن الزبير: يا صاحب رسول الله ما هذا؟ فأخذه وتأمله، فقال: ميزانٌ شامي وأنا ابن عمر (?) " (?).