الإطلاق، ولكن كل ما يَغْلِب على القلب غفلتُه فيه، فشهادته مردودة فيه، وذلك الشهادة المرسلة، فأما الشهادة المفصّلة إذا امتحناها، -والرجل عدل- فلم تضطرب، فهي مقبولة؛ إذ ليست الغفلة معنىً يقتضي الرد عموماً بخلاف الفسق.
وهذا يناظر قول أئمة الحديث في إسماعيل بن عياش، فإنهم يقبلون ما يرويه عن الشاميين، ويتوقفون فيما يرويه عن غيرهم، لأنهم رأوا حفظه ثابتاً في رواياته عن الشاميين، ولعله كان أثبتها في عنفوان شبابه، فثبت حفظه.
وكل ما يتعلق بتحقيق الثقة، فتستوي فيه الرواية والشهادة، ويترتب على هذا الأصل أمر ذكرناه قبلُ مرسلاً، ونحن نفصله الآن.
12131 - قال الشافعي: " القاضي إذا رابه أمر من الشهود فرّق مجالسهم، وسألهم عن الزمان والمكان ... إلى آخره ".
ونحن نقول: إذا استشعر القاضي منهم غفلة، ورابه لذلك أمر، فإنه يطلب التفصيل لما أشرنا إليه في شهادة المغفل، فلو أَبَوْا أن (?) يذكروا التفصيل، وكان لقنهم ملقن الامتناع عن التفصيل، فالقاضي إن دامت ريبته، لم يقض بشهادتهم؛ بناء على ما ذكرناه.
وإن لم يكن بالشهود غفلة، فشهدوا، وظن القاضي بهم غفلة؛ فإذا استفصلهم، ولم يفصّلوا، فعلى القاضي أن يبحث عن حالهم، فإذا تبين أنهم ليسوا مغفلين، قضى بشهادتهم المطلقة؛ ومعظم شهادات العوام يشوبها جهل وغرّة، وإن كانوا عدولاً، فيتعين الاستفصال، كما ذكرنا. وليس الاستفصال مقصوداً في نفسه، وإنما الغرض تبين [تثبتهم] (?) في الشهادة التي أقاموها، وهذا كشف سرٍّ يغتبط الفقيه به.