قال الشافعي رضي الله عنه: " ليس من الناس أحد نعلمه إلا قليلاً يمحِّض الطاعةَ والمروءة، حتى لا يخلطهما بمعصيته، أو يمحِّض المعصية حتى لا يخلطها بشيء من الطاعة ... إلى آخره " (?).
12120 - المقصود من هذا الكتاب الكلامُ في عفة الشاهد ومروءته، واشتراط [توقّيه] (?) عن التهمة. وقد ذكرنا في باب مجامعَ الشرائط المرعية في الشهود، والغرضُ الآن مقصور على الأصول الثلاثة التي ذكرناها.
ثم ذكر الشافعي في عقد الباب كلاماً، نقلنا بعضه، وبالجملة إذا كان اشتراط العصمة محالاً في قبول الشهادة، فيُفضي الكلامُ إلى انتشارٍ لا يستقل لضبطه إلا موفَّق في ذكر ما يقدح في الشهادة من الذنوب وفي ذكر ما لا يقدح.
ولو (?) لم يكن فيه إلا التعرض للكبائر والصغائر، وقد تقطع علماء الأصول فيها، فلا يتأتى الخوض فيها، وفي أئمتنا من قال: لا صغيرة في الذنوب، وهو اختيار الأستاذ أبي إسحاق، واستمسك فيه بما لا يُدَافَع، فقال: الذنب يعظم بعظم قدر من خولف فيه، فعلى هذا كل ذنب - وإن استصغره مقارفه كبيرة؛ من جهة أنه مخالفةٌ لأمر الله تعالى.
والمروءة ونقيضها كيف تنضبط مع اختلاف الحالات والدرجات.
والتهمة خارجة أيضاً عن الضبط.