12106 - فأما تصوير النكول عن يمين الرد، ففيه مزيد إشكال؛ فإن المدعي إذا أقام شاهداً، فالمدعى عليه يقول: حلّفني أو احلف وخلصني، وهذا لا يتأتى في يمين الرد؛ فإن المدعى عليه نكل عن اليمين، فإن قال للمدعي: احلف أو انكُل، فالمدّعي يقول له: وأنت احلف أو أَقرّ، [ففي] (?) مسألة اليمين مع الشاهد، فالمدعى عليه متعرض ليمينٍ بحق، وفي مسألة الرد هو ناكل عن اليمين، غيرُ معذور في ترك الإقرار واليمين.
هذا وجه من الإشكال. ولأجله قال بعض أصحابنا: لا يصير المدعي ناكلاً عن يمين الرد قط، إذا لم يصرح بالنكول، ولا ضبط لإمهاله بمدة، وسبيله في يمين الرد كسبيله في البينة يقيمها متى وجدها. وهذا قد يظهر على قولنا: " يمين الرد تنزل منزلة البينة "، وغالب ظني أني أجريت ذكر هذا فيما تقدم من الكتب.
ولكن المذهب المشهور تصوير النكول عن يمين الرد من غير تصريح به، والسبب فيه أنا لو لم نفعل هذا، [لرفع] (?) خصمَه كلَّ يوم، والخصم ناكل، وهو لا يحلف يمين الرد، فلا يتفرغ القاضي من خصومته إلى شُغْلٍ، ولا يجوز أن يُفضي القضاء إلى مثل هذا، فيجب إذاً قطْع الخصومة، ومن ضرورة هذا أن نحكم بنكول المدعي إذا امتنع، ثم إن استمهل أمهلناه ثلاثة أيام بلا مزيد، وهي مدة ثابتة في قواعدَ من الشريعة، ومدة إمهال المرتد إذا رأينا إمهاله ثلاثةُ أيام، وهي مدةُ الخيار، ومقامُ المسافرين. ولو امتنع ولم يستمهِل [لا نمهله] (?) ثلاثةَ أيام ثم نقضي بالنكول، بل نعجل القضاءَ بالنكول إذا لم يُظهر عذراً.
وقد تم ما أردناه من تصوير النكول باليمين مع الشاهد، وتصوير النكول عن يمين الرد على أبلغ وجه في البيان.
ولو نكل المدعي عن يمين الرد، فقال: [إني] (?) نكلت، فحلّفوا خصمي، فلا