والوجه الثاني - أنه يرفع المسلم على الذمي؛ فإنه لو سوّى بينهما، كان ذلك نوعَ مهانة واستذلال، وروي أن علياً كانت له خصومة مع ذمِّي، فرفعه إلى شريح، فلما دخل عليه، قام له شريح، فقال رضي الله عنه: " هذا أول جَوْرك "، ثم أسند عليٌّ ظهره إلى الجدار، وقال: " أما أن خصمي لو كان مسلماً، لجلست بجنبه " (?).

ويسوّي القاضي بينهما في النظر، فلا يخصص أحدهما بالنظر، بل يُطرق، ولا ينظر، أو ينظر إليهما، ولا يتبسم في وجه واحد، ويتعبّس في وجه الآخر، ويجتنب على الجملة ما يشعر بتخصيصه أحدَ الخصمين بمكرمة، أو إقبال.

12004 - ثم إذا جلسا إليه، فلا بأس أن يقول: من الطالب منكما، أو من المدعي؟ فإذا ادعى المدعي، وصحّت دعواه، على ما سيأتي تصحيحُ الدعوى في كتابها، إن شاء الله، ثم هل يطلب الجواب من الخصم من غير أن يطلبه المدعي؟ فيه وجهان: أصحهما - أنه يطلب؛ فإن قرينة الحال قاطعة بأن المدعي مطالِب بالجواب،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015