الخبر الذي لم يذكر معه ذلك، لأن ذكر الراوي لسبب النزول يدل على اهتمامه بمعرفة ذلك الحكم، وهذا إذا كانا خاصين، فإن كانا عامين فالأمر بالعكس كما نقله الإمام هنا، ونص عليه الشافعي كا تقدم نقله عنه في الكلام على أن خصوص السبب لا يخصص، قال بن الحاجب: اللهم إلا إذا تعارض في صحاب السبب فإنه أولى، لان ترك الجواب مع الحاجة مما يقتضي تأخير البيان عن وقت الحاجة، ثم إن المصنف لو عبر بالورود عوضا عن النزول لكان صريحا في تناول الأخبار. الثالث يرجح الخبر المحكي بلفظ الرسول عليه السلام على الخبر المروي بالمعنى، وكذلك على الخبر الذي يحتمل أن يكون قد روي بالمعنى كما قاله في المحصول1، لأن المحكي باللفظ مجمع على قبوله بخلاف المحكي بالمعنى، الرابع: إذ أنكر الأصل رواية الفرع عنه، فإن جزم بالإنكار لم تقبل رواية الفرع، وإن تردد قبلت كما سبق في الأخبار، فإن قبلناها فيكون الخبر الذي لم ينكره الأصل راجحا عليه، وتعبير المصنف بقوله: راوي الأصل هو عبارة الإمام أيضا. ولكن ليس له هنا مدلول مستقيم بل الصواب زيادة أل في راوي، أو حذفه بالكلية، قال: "الرابع: بوقت وروده فترجح المدنيات، والمشعر بعلوا شأن الرسول عليه الصلاة والسلام، والمتمضن للتخفيف والمطلقن على متقدم التاريخ والمؤرخ، بتاريخ مضيق، والمتحمل في الإسلام". أقول: الوجه الرابع: الترجيح بوقت ورود الخبر وهو ستة أقسام، ذكره الإمام وضعفها فافهم ذلك. أحدها: الآيات والآخبار والمدنيات راجحة على المكيات. واعلم أن المصطلح عليه بين أهل العلم، أن المكي ما ورد قبل الهجرة سواء كان في مكة أو غيرها، والمدني هو ما ورد بعدها سواء كان في المدينة أو في مكة أو في غيرها، وهذا الاصطلاح ليس هو المراد هنا لأنه لو كان كذلك لكان المدني ناسخا للمكي بلا نزاع. وقد تقدمت هذه المسألة في تعارض النصين. وأيضا فلأن تقديم المنسوخ على الناسخ ليس من باب الترجيح. كم نص عليه الإمام في الكلام على الترجيح بالحكم، بل المراد أن الخبر الوارد في المدينة مقدم على الوارد في مكة، سواء علمنا أنه كان قد ورد في مكة قبل الهجرة أو لم نعلم الحال. والعلة فيه ما قاله الإمام أن الغالب في المكيات ورودها قبل الهجرة، والوارد منها بعد الهجرة. قيل والقليل ملحق بالكثر. فيحصل الظن بأن هذا الحديث الوارد في مكة إنما ورد قبل الهجرة. وحينئذ فيجب تقديم المدني عليه لكونه متأخر، الثاني: الخبر المشعر بعلو شأن الرسول عليه السلام راجح على ما لا يكون كذلك، لأن ظهورأمره وعلو شأنه كان في آخر عمره. فدل على التأخير هكذا أطلقه المصنف تبعا للحاصلن وقال في المحصول. الأولى أن يفصل فيقال: إن دل أحدهما على العلو والآخر على الضعف، قدم الدال على العلو.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015