"إنما الماء من الماء" ومنه أيضا كما قال في المحصول ترجيح الشافعي خبر أبي رافع في تزويج ميمونة حلالا على خبر ابن عباس في تزويجها محرما؛ لكون أبي رافع هو السفير في ذلك، الثامن: كون الراوي جليس المحدثين؛ لأنه أعرف بطريق الرواية وشرائطها، وكذلك لو كان جليس غير المحدثين من العلماء كما قاله الإمام وغيره، بل لو اشترك الراويان في أصل المجالسة, ولكن كان أجهدهما أكثر, فإنه يقدم ما قاله في المحصول أيضا. ولم يفرض المسألة إلا في ذلك، والاقتصار على مجالسة المحدثين، ذكره أيضا صاحب التحصيل، التاسع: كون الراوي مختبرا، فخبر العدل الذي عرفت عدالته بالممارسة والاختبار راجح على خبر الذي عرفت عدالته بالتزكية، أو بالعمل على روايته, أو بأن روي عنه من شرط أن لا يروى إلا عن العدل, فإنه قد سبق في باب الإخبار أن التعديل يحصل بهذه الطرق كلها, العاشر: كون الراوي معدلا بالعمل على روايته أي: تثبت عدالته بعمل من روى عنه بما رواه عنه، فالخبر الذي يكون راويه معدلا بهذا الطريق راجح على الذي يكون راويه معدلا بغيره، وإنما عبر المصنف بقوله: ثم معدلا، ليعلم أن التعديل بالاختبار مقدم على هذا الطريق فتلخص أن أعلى المراتب هو التعديل باختبار ثم التعديل بالعمل, ثم التعديل بغير ذلك، ولم يبين المصنف ذلك الغير الذي يقدم عليه التعديل بالعمل، فإن أراد به التلفظ بالتزكية, فقد جزم الآمدي وابن الحاجب وغيرهما بعكسه وقالوا: إن التعديل بصريح القول راجح على التعديل بالعمل بالرواية، أو الحكم على الشهادة؛ لأن التعديل بالقول لا احتمال فيه، بخلاف الحكم أو العمل فإنه يحتمل استنادها إلى شيء آخر موافق للشهادة أو الرواية، وإن أراد به الرواية عنه وهو الذي صرح به صاحب الحاصل، فالرواية لا تكون تعديلا إلا إذا شرط أن لا يروى إلا عن العدل، ومع التصريح بهذا الشرط لا تتقاعد الرواية عن التعديل باللفظ، وحينئذ فيأتي فيه ما تقدم بل هو أولى منه، ولم يذكر الإمام هاتين المسألتين، بل ذكر أن الاختبار مقدم كما ذكره المصنف، ثم ذكر أن المزكي إذا زكى الراوي فإن عمل بخبره كانت روايته راجحة على ما إذا زكاه وروى خبره, وهذا غير ما ذكره المصنف, إلا أن نجعل الباء في كلامه أعني كلام المصنف بمعنى المصاحبة, فيكون تقدير قوله: ثم معدلا أي: مزكى مع العمل، فحينئذ لا يخالف كلام أحد ممن تقدم، وليس في كلام الإمام وأتباعه تعرض إلى التعديل بالحكم مع التعديل بالعمل، وقال الآمدي: إن الحكم أولى؛ لأن الاحتياط فيه أبلغ، الحادي عشر: كثرة المزكين وهو واضح، الثاني عشر: بحث المزكين عن أحوال الناس، وإليه أشار بقوله: وبحثهم تقديره: وكثرة بحثهم، وكذلك زيادة عدالتهم والوثوق بهم، كما قاله ابن الحاجب. الثالث عشر: كثرة علم المزكين يعني بالعلوم الشرعية, كما اقتضاه كلام المحصول لكون الثقة بقولهم أكثر, لا بأحوال الراوي كما قاله الشارحون، فإنه قد تقدم ما يدل عليه, الرابع عشر: حفظ