قال: "الباب الثاني: في الأحكام الكلية للتراجيح، والترجيح: تقوية إحدى الأمارتين على الأخرى ليعمل بها، كما رجحت الصحابة خبر عائشة -رضي الله عنها- في التقاء الختانين، على قوله -صلى الله عليه وسلم: "إنما الماء من الماء" 1. مسألة: لا ترجيح في القطعيات؛ إذ لا تعارض بينها، وإلا ارتفع النقيضان أو اجتمعا". أقول: عقد المصنف هذا الباب للأحكام الكلية للتراجيح، وهي الأمور العامة لأنواعها، بحيث لا تخص فردا من أفراد الأدلة، وجعله مشتملا على مقدمة مبينة لماهية الترجيح ولمشروعيته، وعلى أربع مسائل. إذا علمت ذلك فنقول: الترجيح في اللغة هو التمييل والتغليب، من قولهم: رجح الميزان، وفي الاصطلاح ما ذكره المصنف، وإنما خص الترجيح بالأمارتين أي: بالدليلين الظنيين؛ لأن الترجيح لا يجري بين القطعيات، ولا بين القطعي والظني كما ستعرفه. وقوله: ليعمل بها, احتراز عن تقوية إحدى الأمارتين على الأخرى لا ليعمل بها، بل لبيان إحداهما أفصح من الأخرى، فإنه ليس من الترجيح المصطلح عليه، وقال ابن الحاجب: هو