إمامة أبي بكر قياسا على تقديمه في الصلاة. والثاني: أنه جائز ولكنه غير واقع. والثالث: إن كان القياس جليا جاز وإلا فلا. والرابع: ممتنع مطلقا, واقتصر المصنف على ذكر الخلاف في الجواز واختاره أنه يجوز مطلقا, واستدل عليه بأن الأمارة مبدأ الحكم الشرعي, أي: طريق إليه فجاز أن تكون سندا للإجماع بالقياس على الدليل, واستدل المانعون بوجهين أحدهما: أن الإجماع منعقد على أنه يجوز للمجتهد مخالفة الأمارة, فلو صدر الإجماع عنها لكان يلزم جواز مخالفته؛ لأن مخالفة الأصل تقتضي مخالفة الفرع, لكن مخالفة الإجماع ممتنعة اتفاقا كما مر. وأجاب المصنف بأنه إنما يجوز مخالفة الأمارة قبل الإجماع على حكمها, وأما إذا اقترن بها الإجماع فلا لاعتضادها به. الثاني: أن العلماء مختلفون في الاحتجاج بالقياس, وذلك مانع من انعقاد الإجماع عنها؛ لأن من لا يعتقد حجيتها من المجتهدين لا يوافق القائل بحجيتها، وجوابه أن ذلك منقوض بالعموم وخبر الواحد, فإن الخلاف قد وقع في حجيتها كما تقدم في موضعه مع جواز صدور الإجماع عن كل منهما اتفاقا. الفرع الثاني: الإجماع الموافق لمقتضى حديث لا يجب أن يكون صادرا عنه؛ لأنه يجوز اجتماع دليلين على المدلول الواحد. وحينئذ فيجوز أن يكون سند الإجماع دليلا غير ذلك الحديث. وقال أبو عبد الله البصري: يجب استناده إليه، ونقله ابن برهان في الأوسط عن الشافعي؛ لأنه لا بد له من سند كما تقدم, وقد تيقنا صلاحية هذا له, والأصل عدم غيره. وقال القاضي عبد الوهاب المالكي في ملخصه: إن كان الخبر متواترا, فلا خلاف في وجوب استناده إليه، وإن كان الآحاد, فإن علمنا ظهور الخبر بينهم وأنهم عملوا بموجبه لأجله فلا كلام، وإن علمنا ظهوره بينهم وأنهم عملوا بموجبه ولكن لم نعلم أنهم عملوا لأجله, ففيه ثلاثة مذاهب ثالثها: إن كان على خلاف القياس فهو مستندهم وإلا فلا, وإن لم يكن ظاهرا بينهم لكن عملوا بما يتضمنه فلا يدل على أنهم عملوا من أجله, وهل يكون إجماعهم على موجبه دليلا على صحته؟ فيه خلاف, منهم من قال: لا يدل كما أن حكم الحاكم لا يدل على صدق الشهود، والصحيح دلالته عليه لأن السمع دل على عصمتهم، بخلاف الشهود. قال: "الثالثة: لا يشترط انقراض المجتمعين؛ لأن الدليل قام بدونه قيل: وافق علي الصحابة -رضي الله عنهم- في منع بيع أم الولد ثم رجع, ورد بالمنع. الرابعة: لا يشترط التواتر في نقله كالسنة. الخامسة: إذا عارضه نص, أول القابل له وإلا تساقطا". أقول: هل يشترط في انعقاد الإجماع موت المجتمعين أم لا؟ اختلفوا فيه فقال الإمام وأتباعه وابن الحاجب: لا يشترط وقال الإمام أحمد وابن فورك: يشترط، وفصل الآمدي بين الإجماع السكوتي وغيره على ما تقدم إيضاحه هناك. وقال إمام الحرمين: إن قطعوا بالحكم فلا اشتراط, وإن لم يقطعوا به بل أسندوه إلى الظن فلا بد من تطاول الزمان، سواء ماتوا أم لا. واستدل المصنف على عدم الاشتراط بأن الدليل الدال على كون الإجماع حجة ليس فيه تعرض للتقييد بانقراضهم فيبقى على إطلاقهم،