يستدل عليه بالإجماع, سواء كان عقليا أو شرعيا أو لغويا أو دنيويا، وفي العقلي والدنيوي خلاف، وكل شيء يتوقف العلم بكون الإجماع حجة على العلم به لا يصح أن يستدل عليه بالإجماع, فعلى هذا يستدل بالإجماع على حدوث العالم، وعلى كون الصانع -سبحانه وتعالى- واحدا؛ لأن العلم بكون الإجماع حجة لا يتوقف على العلم بهما؛ وذلك لأنا قبل العلم بهما يمكننا أن نعلم أن الإجماع حجة, بأن نعلم إثبات الصانع بإمكان العالم، وبحدوث الأعراض، ثم نعلم بإثبات الصانع صحة النبوة، ثم نعلم بصحة النبوة كون الإجماع حجة, ثم نعلم بالإجماع حدوث العالم ووحدة الصانع. قوله: "لا كإثباته" أي: لا يستدل بالإجماع على إثبات الصانع ولا على كونه متكلما ولا على إثبات النبوة, فإن العلم بكون الإجماع حجة مستفاد من الكتب والسنة, وصحة الاستدلال بهما موقوفة على وجود الصانع وعلى كونه متكلما وعلى النبوة، فلو أثبتنا هذه الأشياء بالإجماع لزم الدور؛ لأن ثبوت المدلول متوقف على ثبوت الدليل، ولقائل أن يقول: ثبوت الإجماع متوقف على العلم بوحدة الصانع بخلاف ما ذكره المصنف؛ لأن كون الإجماع حجة متوقف على وجوه المجمعين الذين هم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يصير الشخص منهم إلا بعد اعترافه بالشهادتين، وقال الشيخ أبو إسحاق في اللمع: إنه لا يعتد بالإجماع في حدوث العالم أيضا.