الإمام, وجوابه أن ترك الراوي قد يكون لنسيان اسمه أو لإيثار الاختصار، وذكر في المحصول بعد هذه المسألة أن الراوي إذا سمى الأصل باسم لا يعرف به فهو كالمرسل، وذكر إمام الحرمين مثله فإنه قال: وقول الراوي: أخبرني رجل أو عدل موثوق به من المرسل أيضا. قال: وكذلك كتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي لم يسم حاملها. قال: "الرابعة: يجوز نقل الحديث بالمعنى خلافا لابن سيرين, لنا أن الترجمة بالفارسية جائزة فبالعربية أولى. قيل: يؤدي إلى طمس الحديث، قلنا: لما تطابقا لم يكن ذلك". أقول: اختلفوا في جواز نقل حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالمعنى أي: بلفظ آخر غير لفظه, فجوزه الأكثرون واختاره الإمام والآمدي وأتباعهما ونص عليه الشافعي وممن نقله عنه صاحب المحصول, وقال ابن سيرين وجماعة: لا يجوز، وغلط صاحب التحصيل في اختصاره للمحصول, فعزاه للشافعي وحكى الآمدي وابن الحاجب قولا: إنه إن كان اللفظ مرادفا جاز وإلا فلا, فإن جوزناه فشرطه أن يكون الفرع مساويا للأصل في إفادة المعنى من غير زيادة ولا نقصان، وأن يكون مساويا في الجلاء والخفاء؛ لأنه لو أبدل الجلي بالخفي أو عكسه لأحدث حكما لم يكن وهو التقديم أو التأخير عند التعارض، لما ستعرفه في القياس أن الجلاء من جملة المرجحات، وعلله في المحصول بأن الخطاب يقع بالمتشابه وبالمحكم لأسرار استأثر الله تعالى بعلها فلا يجوز تغييرها, ومراعاة هذه الشروط موقوفة على العلم بمدلولات الألفاظ, فإذا كان الشخص غير عالم بها فلا يجوز أن يروي بالمعنى، وكلام الآمدي يقتضي إثبات خلاف فيه, فإنه نقل المنع عن الأكثرين. قوله: "لنا" أي: الدليل على جواز الرواية بالمعنى أنه يجوز أن يترجم الأحاديث أي: يشرحها بالفارسية أو غيرها لتعلم الأحكام فلأن يجوز بالعربية أولى؛ لأن ذلك أقرب وأقل تفاوتا وفيه نظر؛ لأن الترجمة جوزت للضرورة وليس ذلك مما يتعلق به اجتهاد واستنباط أحكام, بل هو من قبيل الإفتاء بخلاف الرواية بالمعنى, والأولى الاستدلال بأن الصحابة كانوا ينقلون الواقعة الواحدة بألفاظ مختلفة, وبأنهم ما كانوا يكتبون الأحاديث ولا يكررون عليها بل يروونها بعد أزمان طويلة على حسب الحاجة وذلك موجب لنسيان اللفظ قطعا. احتج الخصم بأن نقل الحديث بالمعنى يؤدي إلى طمسه أي: محو معناه واندراسه كما قال الجوهري فيلزم أن لا يجوز, وبيانه: أن الراوي إذا أراد النقل بالمعنى فغايته أن يجتهد في طلب ألفاظ توافق ألفاظ الحديث في المعنى, والعلماء مختلفون في معاني الألفاظ وفهم دقائقها, فيجوز أن يغفل عن بعض الدقائق وينقله بلفظ آخر لا يدل على تلك الدقيقة, ثم يفرض ذلك في الطبقة الثانية والثالثة وهلم جرا, وحينئذ فيكون التفاوت الأخير تفاوتا فاحشا بحيث لا يبقى بينه وبين الأول مناسبة. وأجاب المصنف بأن الكلام في نقله بلفظ مطابق له وعند تطابقاللفظين لا يقع التفاوت قطعا. قال: "الخامسة: إذا زاد أحد الرواة وتعدد المجلس قبلت الزيادة. وكذا إن اتحد وجاز الذهول على الآخرين ولم